الأربعاء، 3 يوليو 2013

المهووسة

تشعر الآن بأنها قد قامت بما يجب عليها أن تقوم به .. الأم المثالية تقلق وتقلق ..وتستمر فى القلق ..هذا هو دورها ..هذه هى حياتها .. منذ أن كانت تلهو بعرائس الرضّع حتى أنجبت مازن .. عليها أن تقلق .. عليها أن تهلع باستمرار وتستمر فى الهلع .. لهذا شعرت ببعض الرضا يُبَث من غدة ما فى دمائها بعد أن نزلت مع مازن الدرج .. ولم تنس أن تبسمل وتحوقل وهى تعبر بجانب بير السلم .. ومشت معه الممر المؤدى إلى خارج العمارة .. ووقفت معه ما يقارب الربع ساعة تنتظر قدوم المدرس .. الذى سيصحبه فى سيارته كما هو مفترض إلى منزل (تلميذ ما ) فيلقى عليهم بضعة كلمات تنعش ذاكرتهم وتبعث معلوماتهم من قبورها قبل الإمتحان .. حتى قلقها اللا مبرر هذا لم يجد وسيلة يتوسل بها ليصل إلى مفتاح عقل طفلها .. لذلك كانت مهنة المعلم فى ذهنها مرتبطة بالقداسة ..الرجل الذى يفهم هذه الأمور ..الرجل الذى يملك مصنعًا لمفاتيح العقول ..
اكنتفها الرضا أكثر حين تذكرت مشهد السيارة وهى تأتى من بعيد .. رائيها لن يقول حتمًا أنها تسير ..بل هى تقفز أو تتأرجح وكأن أحدهم أوكل إليها مهمة (فعص) حبات العنب لصنع النبيذ !!
سيارة 128 فى حالة ممتازة ..لا بأس ..يمكنها أن تصمد سنوات بعد ..قبل أن تودع فى المتحف باعتبارها رمزًا تاريخيًا ..
يا لها من ترضية لها .. حين تتذكر كيف أودعته فى السيارة بنفسها .. وتراءى إليها حينها خاطر مضحك بأن عليها التأكد من هوية السائق ..ربما لم يكن المعلم ..ربما سينتهز فرصة عدم تدقيقها فى ملامحه وما إن يكون الطفل على متن السيارة فسيضغط الدواسة هاربًا ومعه طفلها ..ليبيعه فى السوق أو ليجبره بالسوط على تقديم فقرات فى السيرك ...
كتمت حينها ضحكة كادت تفلت منها وهى تحدث السائق الذى تبين أنه المعلم فعلًا ولا خداع ..  عليها أن تكون واسعة الخيال حتى تتخيل أنه خاطف وليس المعلم وأن من تراه أمامها صورة هولوجرامية للمعلم .. وذلك بغية خداعها ليهرب بغنيمته (طفلها) .. لحسن الحظ أن خيالها ليس واسعًا لهذا الحد .. ولحسن الحظ أنها تحتفظ بأفكارها لنفسها ولا تعلنها على الملأ ..وإلا لزاد عدد مرضى مستشفى العباسية واحدًا ..
والآن كأى أم بُثَت فى دمائها هرمونات الرضا .. جلست تحتسى القهوة ... وأخذت تراجع دورها جيدًا .. مازن سينتهى فى الخامسة عصرًا ..علىّ أن أستعد فى الرابعة تمامًا .. وأن أذهب لإصطحابه إلى المنزل فى الرابعة والنصف تمامًا ..  سأكون تحت البناية فى الخامسة إلا ربع على أقل تقدير ..ربع ساعة من الإنتظار وربما أكثر على أقل تقدير .. هذا هو التخطيط المرجو وإلا فلا  !!

هناك 5 تعليقات:

  1. أعجبني الوصف الدقيق للأم المهووسة!
    :)

    ردحذف
    الردود
    1. ده كان محاولة لوصف طريقة معاملة أمى والقلق المش طبيعى اللى من غير مبررات اللى بيدخل فى دائرة (الهوس) فعلًا.. يسعدنى إنها عجبتك :)

      حذف
  2. تصدقي انه نفس الشعور كان يأتي لي عندما يأتي باص الروضة لأخذ طفلتي راما .. تفضل الوساوس تشتغل وتشتعل في رأسي حتى يعود بها مرة أخرى للمنزل ..

    بتهيألي إنه الهوس هو ضريبة الأمومة :)

    سعدت بمروري من هنا .

    ردحذف
    الردود
    1. تمامًا .. مع إنى لسة عندى 15 سنة ..بس باحاول أحيانًا أحُط نفسى فى مكان الأم أو أنظر من منظورها .. الأم بتضع كل الاعتبارات قيد الملاحظة ..ومش بتسيب حاجة غير لما تركز فيها وفى النتائج المترتبة عليها ..كأنها فى مباراة شطرنج وكل خطوة محسوبة ..فعلًا القلق (أوالهوس بالقلق) هم ضريبة الأمومة :)
      ربنا يياركلك فى راما .. ويومًا ما تعرف نفس مشاعر القلق اللى كنتى بتحسيها عشانها D:

      حذف
  3. هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه انا تلك الام المهوسة اغلب الاحيان على فكرة هههههههههههه جميييييييييل

    ردحذف