الخميس، 25 يوليو 2013

عهد الأسطورة (7/7)

عاتبةًً عليك يا عهد الأسطورة ..عاتبةً عليك .. لماذا لم تراسلنى حتى الآن ؟؟ .. ألديك أمّ تشغلك دومًا بالأعمال المنزلية؟؟..ألديك شقيق مزعج يستولى دومًا على الحاسوب قبلك ؟؟.. ألديك وظيفة تعمل بها ليلًا نهارًا لأجل قوتك وقوت الأسرة ؟؟ .. ألديك يا عهد الأسطورة ؟؟ .لا أظنك والله تملك هذا .. أنت عهد الأسطورة ..وعهد الأسطورة مجرد من تلك الأشياء ..أو أن تلك الأشياء مجردة منك أنت يا عزيزى .. أنت تنقصها ..وهى لا تنقصك ..إذن فما تلك الذريعة التى ستتذرع بها فى رسالتك -إذا كان قادمة - لتخفف من عتابى عليك ؟؟ .. أتعرف ؟؟..راسلنى بكلمة واحدة فقط ..وسأنسى الأمر وأدعه خلف ظهرى ..ونستكمل المراسلة وكأن شيئًا لم يكن ..فقط ..فقط أعلمنى أننى لا أحدث ما لا وجود له ..أو أفعل ما لا يفعله إلا المصابين بالذهان .. بالله عليك افعل ..راسلنى ..
يا عهد الأسطورة .. هذه هى رسالتى الأخيرة إليك فى هذا المظروف(المدونة) .. وفيما بعد ستأتى رسائلى متقطعة وسأرسلها فى مظروف آخر (على مدونة أخرى)  .. فاستمع إلىّ الآن ..فمن يعلم متى ستتسنى لى مراسلتك من جديد ..
اليوم أذكرك بومضات متقطعة من وقتنا معًا ..
أتذكر جروح ركبتى ..حين وقعت عليهما من فوق الدراجة ..كنت مع أبى فى النادى .. أتذكر حين ابتاع لى الضمادات اللاصقة -بلاستر تفاديًا للتحذلق- الدائرية الشكل .. أحضر لى أشكالًا أخرى .. وتحول الجرح إلى نوع من المتعة .. ورحنا نختار ما بين الأشكال .. أضع الدائرية هنا على هذا الجرح ..أما المستطيلة الشكل أضعها على ذاك .. لطالما ارتبطت صورة أبى بصورتى الميكروكروم والبلاستر .. لطالما كنت أصحبه لركوب الدراجة ..حين يهم بالنزول لإصلاح السيارة ..أصحبه .. حين يذهب للعب البينج بونج أصحبه ..أتذكر ؟؟
لا تذكر ؟؟ .. لا بأس . أتذكر إذن الكلب اللولو ؟؟ .. ذلك الكلب الصغير مع السيدة التى كانت تبتاع شيئًا ما من المتجر .. كنت فى الرابعة أو الخامسة ، ألعب هناك بجانب ذاك المتجر ..وأبى قريب منى ممددًا تحت السيارة التويوتا الحمراء يصلح عطلًا ما من تلك الأعطال اللا منتهية .. أتذكر حين طلبت منه أن يسدى إلى معروفًا ويطلب من السيدة أن أربت على كلبها ..وأشرت له بيدى إلى السيدة وكلبها اللولو الأبيض .. ضحك أبى .. وتقدم نحو السيدة .. قال لها شيئًا ما ..فابتسمت وقهقهت .. وأشارا لى أن تعالى .. وما أن هممت بالتربيت عليه ..حتى قفز علىّ لاعقًا وجهى ووجنتىّ .. وكأنه يحتضننى .. تعلق بى ورفض جذبات السيدة .. وأنا كنت أضحك ملأ فمى فقط ولا ألق بالًا لما يحدث حولى .. السيدة تصرخ ..الكلب لا يستجيب لجذبها .. الكلب يلف الحبل الذى كانت تقبض عليه منذ ثوانٍ فى يدها حول الشجرة العجوز الكبيرة التى قطعوا عنقها الآن ،ويتحدى سيدته .. الحبل يلتف فى عُقَد حول الشجرة ويظهر للعيان مستحيل الفَك أو الحلّ .. وأنا أضحك!! 
جذبته السيدة وساعدها أبى .. هو -الكلب- كان لا يزال منكبًا على مهمته الرسمية : لعق وجهى .. وأبى والسيدة يكافحان لتحريرى منه .. ألم يروننى مستمتعة حينها ..لم لم تتخلى السيدة عنه وتتركه لى ؟؟ هه ؟؟ لم ؟؟ ..كنت سأعتنى به وأغسل فراءه وأعطره .. كنت سأزيل عنه الأوساخ وأنفض عنه الأتربة .. كنت سأجرى له عمليات تجميل حين يشيخ .. كنت سأسافر لولاية فلوريدا لأزوجه مخصوص لكلبة من هناك .. هى لن تعتنى كما كنت أنوى أن أفعل على أية حال .. 
فى النهاية .. تقدم رجال المتجر -واسمه (إكسبشن) على فكرة- الذى كانت السيدة تبتاع منه حاجياتها وفى أريحية وكأنهم ذاهبين للقتال على الجبهة .. انتزعونى /انتزعوه منه /مِنّى .. تمتمت السيدة بشىء ما .. ثم قبضت على الحبل الذى حَلّه العاملين فى اكسبشن منذ ثوانٍ من حول الشجرة..واستدارت برأس مشدود إلى الأعلى وأنف شامخ مبتعدةً عنا .. 
والذى لن أنساه يا عهد الأسطورة ..حين استدار الكلب إلىّ رغم أنف سيدته ،وشرع ينبح ذلك النباح الحزين .. يمشى خطوة ويستدير إلىّ ..فتجذبه السيدة ..فيضطر إلى النظر أمامه حذر الإصطدام بالرصيف .. ثم ما أن يطمأن لمساره ..يستدير من جديد ..فتجذبه هى من جديد .. حتى ابتعدا .. وحتى من تلك المسافة ..كان النباح يجد طريقه إلى مسامعى ..
يومها أغرقتنى أمى صابونًا وماءً.. ولو كان الأمر بيدها -هكذا قالت- لألقمتنى للمغسلة ..وسيلة أسرع ..توفيرًا للجهد والوقت...
أتذكر ذلك الصابون الذى ابتعته وأبى قبل الصعود إلى المنزل فى ذلك اليوم ..  قال لى حينها -مازحًا- أنه -الصابون- لأجل أن أغسل عنى لعابه .. آه، ذلك الكلب ...
أتذكر الصابون على أى حال ؟؟
الصابونتان المصنوعتان على شكل دولفين وابنه ..
الكبير أزرق ..والصغير لبنى .. أتذكرهما ؟؟ ..أتذكرهما ؟؟ أنا أذكرهما .. فلم لا تذكرهما أنت ؟؟ ..أتذكر يا عهد الأسطورة ؟؟ هه ؟؟ أتذكر ؟؟
                                                 بإخلاص
                                                   رانيا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق