الأربعاء، 2 يوليو 2014

الفتاة فى المصعد. (1)

عادةً ما يكون من المحتم على أمثالى الصمت للأبد ..ثمة أمور لا تتخيل امتلاك أمثالى لمثلها .. أعنى .. 
أرأيت فى حياتك رجل أمن فى المول يكتب مذكراته ؟!! .. أو بالأحرى يكتب اى شىء أصلًا ؟؟ .. إن وظائفنا تحتم علينا أمورًا معينة .. لا يمكن أن ترى الطبيب فى زى آخر إلا البالطو الأبيض ..لا يمكنك أبدًا تخيل ذلك الرجل مرتديًا بذلة وذاهب لحضور فرح ابنة خالته .. أتمنى أن تتعظ يا عزيزى ولا تضع الكائنات فى قوالب !!
المهم ، نعم .. أنا خليط من رجل أمن وعامل مصعد فى مول ..ونعم أكتب مذكراتى .. من فضلك -أيها القارئ أيًا من كنت- لا تتساءل عن المهم جدًا فى حياة رجل هو خليط من رجل أمن وعامل مصعد فى مول ليستحق تدوين مذكرات .. إن نجيب محفوظ كانت له بعضًا من المبررات التى تشفع له ارتكاب ذلك الجرم -كتابة المذكرات-.. لكن أنا ؟؟ .. خليط من رجل أمن وعامل مصعد ؟؟ ..بوووو كم أنا سخيف ..!!
لكنك قد تندهش مما قد يقع فى حياة الرجل المصنوع من مزيج من رجل الأمن وعامل المصعد .. أتدرى مَن كنت ؟؟ ..ما كنت ؟؟ 
أنا -ولك أن تصدق هذا- متخرج من كلية الهندسة جامعة (.....) ..قسم ميكانيكا بالطبع ..فهم لم يوظفونى كعامل مصعد من فراغ .. 
أتدرى ؟؟..البطالة وحش آخر من وحوش الميثولوجيا الإغريقية .. ميدوسا فتاة جميلة وطيبة ذات جدائل ناعمة مقارنة بوحش كالـ(بطالة) .. هى-البطالة- وحش يتشبث بملابسك بشدة حتى لتتمزق ويتركك عاريًا بلا مأوى ولا كرامة ..
آثرت عملًا كهذا على التجول عاريًا فى شوارع القاهرة متدثرًا بالهواء .. نحن لسنا فى الغرب يا سادة حيث يمكن للمتشرد أن يتدثر ببرميل نظيف ويتجول فى الشوارع ممارسًا مهنته بشرف .. قابلنى إن وجدت صندوقًا كارتونيًا سليمًا فى شوراع القاهرة  فضلًا عن برميل..
منصور هو السيد هنا .. منصور يعرف كل شىء .. هو من انتشلنى من الضياع فى أول يوم عمل لى ها هنا .. حين وقفت أرمق الشاشات المتصلة بكاميرات المراقبة فى بلاهة فاتحًا فاهى.. لا أدرى من يراقب ما ..وما يراقب أين .. فأرشدنى بلهجة مطمأنة إلى أن هذه كاميرا (1) وهى المسئولة عن مراقبة متاجر الجناح الأيمن من الدور الأول .. وهذه كاميرا (2) ..وهى المسئولة عن ..بلا بلا بلا بلا بلا ..لا أظنك مهتمًا بتفاصيل مماثلة إلا إن كنت تخطط لسرقة مولنا قريبًا ..    
المهم ، سارت الحياة على وتيرتها المعتادة .. فى ساعات الصباح الأولى ..أرتدى ملابس رجل الأمن الزرقاء وأخرج من شقتى المتواضعة جدًا جدًا والمكونة من صالة تم تقسيمها لتصير غرفة نوم ومطبخ وصالة.. وحمام منفرد أستعمله أحيانًا كـغرفة للتخزين بالإضافة لقضاء الحاجة ..

كما كنت أقول .. أرتدى ملابسى ثم أتجه إلى المول مستقلًا أتوبيسًا ..تكون عقارب الساعة قد انطبقت على بعضها وتشير إلى تمام السابعة .. فى الدور الأرضى تقبع غرفتنا -نحن رجال الأمن وعمال المصعد- .. يناولنى منصور إفطارًا هو خليط من الفول المدمس والصراصير المسلوقة ..أتناوله شاكرًا وأبتلعه مخمدًا به نيران معدتى الجائعة ..ثم تبدأ سلسلة طويلة من الثرثرة عن الزوجات سليطات اللسان ..وهى ثرثرة لا طرف لى فيها ولا تعنى لى شيئًا إلا أننى أشعر بالتميز لعدم وجود زوجة سليطة اللسان تنتظرنى فى شقتى لتسقينى مُر لسانها أو شبشبها ..ينتهى الإفطار ليبدأ العمل .. أظل واقفًا جوار المصعد ..أصطحب الزبائن عبر الطوابق ..حضرتَك نازل الدور الكام ..حضرِتِك نازلة الدور الكام ..وفى كل مرة نسمع تلك الآية من سورة الزُخرف والتى اعتادها الجميع فى المصاعد : "سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين "
وإن كان الزبون صاعدًا إلى طابق أعلى من الرابع ..نسمع تكملة الآية :"وإنا إلى ربنا لمنقلبون" 
وإن كانت طابقًا أعلى نسمع آية أخرى و ....
حسنًا .. من أين أبدأ .. ربما علىّ البدء بسرد تلك الواقعة الفريدة التى حدثت قبل تعيينى فى المول بعدة شهور .. من المعروف أن كاميرات المراقبة تعم المتاجر فى أى مول يحترم نفسه ..المتاجر والممرات وما إلى ذلك .. هذا طبيعى جدًا . لكن الغير طبيعى هو أن تجد كاميرا فى مصعد مثلًا .. من ذا الذى يضع كاميرا مراقبة فى مصعد ..وما الممكن حدوثه فى مصعد ليستحق تلك المراقبة؟؟ .. لاحظت الأمر فى البداية حين أويت إلى حجرة المراقبة بعد إغلاق المول ورحيل الزبائن والباعة .. حين جلست جلستى المريحة أمام الشاشات .. هى كاميرات متطورة أعترف بهذا ..أعتقد كذلك أنها تساوى ثروة لا بأس بها .. لا تقلق ،لا أخطط لسرقتها ..ثمة جزء مما يدعونه :"التربية" لا زال يصرخ بداخلى كلما تبادر إلىّ خاطر كهذا .. 
ذلك هو الممر أمام متجر الإيشاربات .. وذاك هو الممر أمام المصعد فى الطابق الثانى .. وذلك هو ... أين هو ذلك المكان ؟؟ ..شىء شبيه بغرفة ضيقة حديدية مظلمة .. وحين لاحظ منصور نظرتى الحيرى قال بينما يلوك ما قضمه من شطيرة الطعمية الملازمة له ككلب وفىّ: "ده الأصانصير "
قالها بلهجته النصف صعيدية المصرة على تضخيم السين وتحويلها بشكل ما إلى صاد .. فهززت رأسى فى بلاهة وتساءلت :"وهم خايفين على ايه ف الأسانسير ؟؟ ..الناس هاتسرق المراية ولا الزراير ؟؟"
فرد قدميه فى ارتياح .. وبدا مستمتعًا بلعب دور الراوى .. وما أن انتهى من بلع تلك القضمة الضخمة من الشطيرة قال فى استمتاع :
"الموضوع حصل  قبل ما انت تتعين هنا .. واحد لابس اسود ف اسود دخل الأصانصير مع تلاتة تانيين ..واحدة ست واتنين رجالة ..والتلاتة شكلهم عليهم القيمة كده ومحترمين .. كلهم كانوا طالعين الدور العاشر.. وحسب اللى التلاتة حكوه بعد ما حصل اللى حصل ..الراجل أبو هدوم سودا ده طلع مطواة من هدومه فى الدور التالت ..وخد كل حاجة بقى ..إشى ساعة دهب ..وإشى عُقد ألماظ ..وإشى جاكيت بدلة ..وإشى محفظة مليانة .وإشى وإشى .. أول ما الأصانصير وصل الدور العاشر كان أخد كل حاجة فى شنطة سودا كبيرة كانت معاه .. طلعهم م الأصانصير ونزل هو تانى للدور الأرضى .. وخرج عادى جدًا جدًا ..بس يا سيدى ..ومن ساعة الحادثة دى والإدارة قررت تُحُط كاميرا ف الأصانصير ترصد اللى نازل واللى طالع .. وآدى الحكاية يا عم وخلصت الحدوتة"
بدا لى الأمر مفتعلًا أكثر من اللازم ..ارتداء ذلك الرجل للملابس السوداء يوحى بنمطية شديدة ..تحصر اللص فى قالب معين يحتم عليه ارتداء الملابس السوداء الغامضة ..وكأنه يصرخ دون صوت فى الناس : "على فكرة أنا لص ..ضعونى فى السجن من فضلكم !!"
لذا بدا لى أن ذلك المنصور قد تلاعب ببعض التفاصيل ليضفى جوًا من الغموض على قصته ..
لكنى فى الأيام التالية ..كدت أدعو لمن وضع تلك الكاميرا فى صلواتى وذلك اللص المرتدى "أسود فى أسود" الذى سرق السادة ولـمنصور أيضًا ..فوظيفتى كخليط من عامل مصعد ورجل أمن تجعل الملل أسلوب حياة بالنسبة إلىّ .. مما يجعل مراقبة الناس الداخلين والخارجين من المصعد تسلية مثالية ..خاصةً مراقبة هؤلاء الذين يستخدمون المصعد فرادى دون آخرين معهم .. فيتصرفون على راحتهم تمامًا ..منهم من يتجشأ بحرية شديدة ..وبعض الفتيات يخلعن الطرحة ويعيدن ربطها ..لا لا لا تعطنى تلك النظرة ..أنا أخفض بصرى عند حدوث الأمر ..لست شيطانًا إلى هذه الدرجة .. وأحمل قدرًا من التربية رغم كل شىء ..بالطبع كانت شهوتى إلى النظر تهزم تربيتى فى أحيان كثيرة ..لكنى فى أغلب الحالات أسيطر على نظراتى ..خاصةً حين يتعلق الأمر بفتح سحاب البنطال لإدخال البادى الكارينا فيه ..
دعونا من هذا .. أكثر ما كان يثير ضحكى هو أن ما من شخص دلف إلى ذلك المصعد إلا وألقى نظرة متفحصة على شكله فى المرآه .. حتى وإن كان مستقلو المصعد ثلاثة أو أربعه ..فإنهم لا يتوانون عن النظر بكل راحة إلى مظاهرهم ..التأكد من أن كل شىء على ما يرام ..المايك آب موضوع بدقه ..ياقة القميص فى وضعها الطبيعى .. ما من أحد -وأكرر أنه ما من أحد- لم يلق نظرة مطوله إلى مظهره فى تلك المرآه ..رغم أن المرآه لا تظهر فى مجال إبصار الكاميرا لكنى أعرف مكانها جيدًا ..وأعرف اتجاه أنظارهم جميعًا .. المرآه ..لطالما تعلق كل شىء بالمرآه .. أعتقد أحيانًا أن مرتادى المصعد يرتادونه لوجود تلك المرآه فيه ..خاصةً المراهقات والمراهقين .. رأيت فى مرة تلك الفتاة التى دخلت المصعد وصعدت للطابق الثانى .. وفى أثناء صعود المصعد راحت تضع طبقات من طلاء الشفاة على شفتيها ..ثم ما إن وصل المصعد إلى الطابق المذكور ..ضغطت من جديد على زر الطابق الأول ليعود بها المصعد من حيث أتت !!
أى أنها تكبدت كل ذلك العناء من أجل ذلك الزجاج العاكس المدعو :المرآه ..
 لذا فيمكنك ببساطه أن تتخيل شكل حياتى اليومية بالعمل .. مراقبة المصعد ..الكثير من الضحك على هؤلاء الذين ينفردون بأنفسهم فى الأسانسير فيكونون على راحتهم تمامًا ..الصعود فى والنزول -فى بعض الأحيان- بالمصعد مع مرتاديه ..المزيد من المراقبة ..أكواب الشاى بالنعناع والشطائر ..والمزيد من الضحك .. ما أن يدلف أحدهم إلى المصعد حتى أعتدل فى جلستى وأنتظر تلك اللحظة التى ينظر فيها إلى المرآه .. وأحيانًا كنت أقوم برهان بينى وبين منصورعلى شطيرة طعمية على أن الشخص سينظر للمرآه ..ولم أخسر أبدًا ..ولا مرة واحدة ..ربما لهذا بدأت أزداد فى الوزن !!
متى بدأ الأمر إذن ؟.. لا أدرى ..أسبوع ؟؟..اثنان؟؟ .ربما ..
حين دلفت تلك الفتاة إلى المصعد ..بياض بشرتها مبالغ فيه ..شعرها الأسود الفاحم ..وعيناها السوداوتان الموغلتان فى السواد .. ملابسها التى تشى بذوق غريب ..ذلك الفستان الكحلى القصير ذى الطراز الغريب ..وأقول أنه ذو طراز غريب لأن طرازه هو : لا طراز .. مجرد فستان بسيط جدًا ..عبارة عن قطعة من القماش الكحلى تم تفصيلها على هيئة فستان قصير ..لا أكثر !!
لكنها -والحق يقال- كانت بارعة الحسن .. وما إن دلفت إلى المصعد ..وبعد انبهارى بها ..كدت أنادى منصور لنقوم بذلك الرهان المعتاد نظرًا لشعورى بالجوع وقتها .. لكنى توقفت فى اللحظة الأخيرة حين لاحظت الأمر ..إنها لا تنظر إلى المرآة على الإطلاق .. لم تعرها اهتمامًا أبدًا .. كانت ببساطة تنظر .. تنظر إلىّ !!
أعنى أنها كانت تنظر إلى الكاميرا .. بإصرار غريب .. مرت دقيقة على هذا النحو وذلك الوجه يحدق بى من الشاشة المتصلة بكاميرا المصعد .. ثم هل أنا ضعيف الملاحظة ..أم أنها لم تضغط على أى زر من أزرار الطوابق ؟؟
تانك العينان .. تانك العينان ..تانـ...
          * * * * * * * * * * * * * 
أفقت على تلك اليدين القويتين اللتان راحتا تهزانى فى عنف .. وتلك اللهجة النصف صعيدية التى راحت تقول كلامًا لم أتبينه .. ورائحة الكولونيا المقيتة التى لا أطيقها
قفزت من مكانى شاعرًا بذلك الشعور من انعدام الوزن .. ذلك الشعور الذى يأتيك حين تكون مستيقظًا لتوك .وتكون قدمك اليمنى فى الواقع ..واليسرى لا زالت فى عالم الأحلام ..
"هه ؟؟"
"هه ايه يا عم ؟؟ ..انا جيت عشان أحط الساندويتشات ف الأوضة.. لاقيتك متنح للكاميرا ومنظرك كان يخوف بصراحة يا جدع ..جيت أهزك لاقيتك وقعت منى ع الأرض ..افتكرتك طلعت فوق خلاص وسلمت الروح .. لولا النبض اللى ف إيدك كان زمانى طلبت عربية الدفن .. قعدت أهز فيك لحد ما فُقت اهو ..خضتنى يا عم ..انت فيك ايه مالك ؟؟ "
كان يتكلم بسرعة شديدة وبارتباك ..واستطعت تبين تلك الرجفة فى صوته .. هززت رأسى ولم أرد ..
تبين لى حين نظرت إلى ساعتى أنه قد مرت علىّ نصف ساعة كاملة على هذا الوضع ..محدقًا للشاشة ..إلى تلك الفتاة التى كانت تحدق بعينيها فىّ بدورها ..  
رفعت رأسى لأرى أمامى منصورًا حائرًا مرتجفًا .. 
"بس ..بس قوللى ..هو انت كنت بتبص على ايه بالتركيز ده ؟؟"
"هه ؟؟ "
فتحت فاهًا .. وأشرت إلى شاشة مراقبة المصعد ..ونظرت ..لكنى لم أجد إلا الظلام !!
                * * * * * * * * * * 

السبت، 28 يونيو 2014

تدوينة من زمن ما .. لسه خارجه للنور دلوقتى!

هالّو..
أعرفت إن ذاكرتى لم تعد على ما يرام .. صرت أنسى ما لا يُنسى وأتذكر ما لا يجب تذكره .. هذا طبيعى جدًا .. دعنا من التذمر والشكوى.
أتعرف أن "ليزت" شخص عظيم ؟؟ ..هه ؟؟ .. اليوم فى مكتبة مصر العامة ..قضيت عدة ساعات مع مىّ فى كورس الرسم ذاك ..قضينا الوقت هناك منذ التاسعة والنصف وحتى الواحدة ظهرًا نشتغل على الظل والنور فى الأشكال الكروية .. ذلك الشعور المقيت بأنك غريب ..جديد ومتطفل .. لا أعرف أحدًا هناك سوى مىّ .. و....
دعك من هذا .. استعرت بعض الكتب .. وذهبت لاستلام الكارنيه خاصتى والكارنيهات الخاصة باخوتى.. أعطتنى تلك المرأة العابسة المكفهرة الوجه كومة من الكارنيهات لأبحث فيها .. أخرجت الكارنيه خاصتى وكارنيه أخى ..لكنها نظرت إلىّ عابسةً وقالت : "وفين أخوكِ ؟؟"
فوجأت بسهام نظراتها تخترقنى ..هذا إذا تغاضينا عن سهام كلماتها .. فأجبت فى براءه : "مش موجود"
"ماينفعش يا فندم!!" بلهجة آلية باردة.
أنا فى براءة : "بس أنا أخته ..بس أنا ..."
"ماينفعش يا فندم"
هؤلاء الحكوميون!!  
المهم ، أن ليزت رافقنى فى الأتوبيس أثناء العوده ..لا زالت "لا كامبانيلّا" تشغل ذلك الحيز من روحى. :)) 

تفتكر ؟؟

عاااااااا مجهول !!
أوحشتنى يا صغيرى. D:
فات الكثير ..الكثييييييير من مسلسل حياتى الرتيب .. المهم أنك أوحشتنى ،وقد تراكم التراب عليك من فرط الجلوس فى الركن.
عزيزى ...
فلتنفض عنك الغبار .. ولنتبادل الأحاديث قليلًا .. هل تعرفت على إسراء ؟؟ .. أم رفاق قصر الثقافة ؟؟ .. هل حكيت لك عما استجد علىّ فى عزف الجيتار؟؟ ..هل تعرفت على صوت الجيتار الأكوستيك؟ 3:
هل حكيت لك عن "كنوز الزبالة" ؟؟ .. عن "باربرا" ؟؟ .. عن مصر القديمة ورحلتى الأولى فى المترو؟..عن المكتبة ؟ ..عن نور الذى قرر أن يرسمنى على طريقة الـSpeed drawing ؟؟ .. عن قيثارة ؟؟ .. عما استجد علىّ فى قراءة النوتة الموسيقية ؟؟ .. عن Ram Leela ؟؟ .. عن رحلاتى مع الرباعى الرائع ؟.. عن مجمع الأديان ؟؟ .. عن الطبيعة الصامتة ؟؟ .. عن الأورج الجديد ؟؟ 
والأهم من كل ذلك ، هل حكيت لك عن رانيا ؟؟

الأربعاء، 28 مايو 2014

على قيدها.

إن رحبت بك ..فهل ترحب بى ؟؟ 
هذا شأنك على أية حال.
مرحبًا ، لقد تسلل الزيف إلىّ ..هل تعلم ؟؟ .. أحاول التأقلم ..أن أكون "اجتماعية" كما يقولون..كووول ..أضحك مع هذا وأثرثر مع هذه .. أصفق كفى فى كف واحدة .. وأضرب أخرى على ظهرها مازحةً .. و..
ومن ثم أشعر بالاشمئزاز من كل شىء وأنطوى .. ثم أكرر التجربة من جديد وبلا قصد .. فهل انعدم إيمانى ؟؟ ..أنا لست مؤمنة إذن ..فلو كنت كذلك لما لُدغت من الحجر مرتين ..لم أعيد الكرة ؟؟ 
أفكر فيهن ..حين يرقصن على الأغانى الشعبية ..حين يتمايلن ويعشن كمراهقات .. أنا مراهقة ؟؟ ..ألست كذلك ؟؟ .. وإلا فما ذلك الإشتياق إلى (شىء ما) الذى يملأ روحى حتى الحلقوم؟؟
بفرض أننى مراهقة .. فيجب أن أرقص وأضحك وأتناول الفشار أمام التلفاز وآكل الطعام كالثيران ،فأنا مراهقة لا أكترث لوزنى .. ومن المفترض -بافتراض أننى مراهقة- أن أعيش طولًا وعرضًا ..أن أسير فى شموخ وإباء..فقوة الشباب تسرى فى عروقى وكل شىء يبدو رائعًا مبهرًا..ليس علىّ أن أقلق بشأن أى شىء..بشأن الغد مثلًا ..فالعالم أمامى لأذرعه ذهابًا ومجيئًا ..والزمن فى صفى.
إن -وأقول إن- كنت مراهقة فعلىّ ارتداء ملابس مبهرجة بألوان ربيعية مزدانة بالرسوم التى لا يربطها أى شىء إلا أنها رسوم!!
أو ربما علىّ ارتداء السواد وتلطيخ عينىّ بالكحل ..أن أضع وشوم الجماجم وأكون "إيمو" أو حتى "هيبى".
وإن كنت على قيد المراهقة فعلىّ الاستماع إلى الفرق الغنائية الجديدة .. علىّ أن أحفظ أغانى فرقة "Bob etc" عن ظهر قلب ..وأن أردد أغانى برونو مارس أثناء نومى .. دعك من أننى أحب فرقة Bob etc فى الحقيقة ..لكن من يدرى ..ربما أرغمت نفسى على حبها لأستشعر علامات المراهقة!!
علىّ أن أكون ألف شىء وألف كينونة .. وألف ألف تجربة يجب أن تُعاش..والضجر ليس اسم اللعبة هنا .. تنتهى من تجربة لتخوض أخرى ..هكذا بطرقعة أصبع ..وفى زمن طرفة العين تكون قد انتهيت من هذه لتخوض أخرى .. وإن سألك مستر "أشرف" أمين المكتبة : "ماذا استفدت من هذه القصة يا عزيزى؟؟ ..ما المغزى الأخلاقى من التجربة؟؟"
ستهز رأسك فى لا مبالاة ..ستهز منكبيك ..وتبصق على مبادئه فى تقزز ..وتخطو بحذائك الكوتشى على حشرات أفكاره .. وتقول فى لا مبالاة : "أنا مراهق يا سيدى ..لست مطالبًا بالتفسيرات"!!
                             * * * * * 
إذن أجبنى بالله عليك .. أفإلى المراهقة أنتمى؟؟ .. أم أكون احترقت قبل الأوان؟!
*مشهد لإيكاروس بأجنحته الشمعية ..يقترب من الشمس ..أكثر من اللازم ربما ..يفهم .. ثم تذوب أجنحته ببطء تحت أشعة الشمس العمودية .. يحترق ويهوى*  

الأربعاء، 7 مايو 2014

الستوكر !!

القصة السخيفة تبدأ منذ شهرين تقريبًا .. 
شهر مارس ..
بعد درس الرياضيات فى بيت ناهد .. أرتدى قميصًا صيفيًا خفيفًا قصير الأكمام وبنطالًا كحليًا .. أقف على الشارع أنتظر قدوم الأتوبيس الذى سيقلنى للرماية .. ثم ها هو ذا ..ألمحه من بعيد باللافتة البيضاء الصغيرة التى تحمل رقم (900) .. لم أكن بحاجة إلى التلويح للسائق حتى يتوقف .. فالموقع الذى أقف فيه موقع استراتيجى جدًا لاستقلال المواصلات .. إنه العريش يا عزيزى ..حيث تختلط التكاتك بالميكروبوصات ببائعى الجوارب ببيتزا كينج وكنتاكى بعابرى السبيل والشحاذين الأطفال ..ليصنعوا ذلك المزيج المدعو :"شارع العريش" ..من فضلك ،لا تقنعنى أن أية حافلة تحترم نفسها لن تتوقف أمام هذا الشارع إجلالًا له .. أو حسنًا ..ليس إجلالًا ..ربما فقط لأنه ليس هنالك خيار آخر باستثناء التوقف أمام كل هذا الزحام !!
حسنًا..كما كنت أقول .. ركضت نحو الباب الخلفى ..ودلفت إلى الداخل .. الزحام شنيع وخانق .. رجال ونساء لا يجدون أماكن شاغرة .. أقف بجوار المحصل متمسكة بعمود من تلك العواميد ..أبحث جاهدةً عن جنيه فى جيوبى الشبه خالية..وما إن أجد واحدًا حتى أضعه أمام المحصل المرهق ذى الوجه الكالح من هول ما يراه .. ثم ..هوباااا .. كنت فى تلك اللحظة أمسك فى يدى بعويناتى التى لا أرتديها أبدًا ..وكتاب "وساوس وهلاوس" لأحمد خالد توفيق .. وكما كنت أقول ..هوباااا، سقطت العوينات على أرض الأتوبيس..نظرًا لتلك الرعشة فى يدى والتى كنت أعانى منها فى تلك الفترة من كثرة التدريب على مقطوعة : "Comptain d'un autre" .. كدت أنحنى لألتقطها ..قبل أن أرى ذلك الفتى -فتى من هؤلاء الرقيعين- الذى انحنى والتقطها لى .. 
أنت تعرف الرقيعين حين تراهم .. وأعتقد أن لى نظرة معينة فى هذا الشأن .. أخذ يحدق فىّ بشكل غريب حتى أن المحصل المتعب قد لاحظ الأمر وتحفز للتدخل .. كان هذا قبل أن يناولنى الرقيع العوينات قائلًا : "اتفضلى" 
تناولتها فى صمت .. أعتقد أنه كان ينتظر مشهدًا رومانسيًا من تلك المشاهد التى ملئوا بها عقولهم فى السينما .. الفتاة توقع كتبها على الأرض ..ثم تنحنى لتلتقطها ..فى نفس الوقت الذى ينحنى فيه فتى شهم ليساعدها فى التقاطها .. ومن ثم ينظران لبعضهما ويقعان فى الحب ..
المهم أنى- فى غضون ثلاث دقائق- نسيت الأمر برمته ..وبدأت أحلم بالعودة للمنزل ..وبسريرى ووسادتى .. وبحلقات " ذا فامباير دياريز" و"بريتى ليتل لايرز" التى تنتظرنى .. وأُمنى نفسى بـحلقات "سوبر ناتشورال" ..و .. 
هل أنا أتخيل أم أن الرقيع يحدق فىّ .. لست عُصابية .. وأظننى غير مصابة بالبارانويا ..ولست من مهووسات حقوق المرأة اللاتى يظنن كل رجل ذئب متنكر أو مصيبة تنتظر الوقوع ..لكنى أراه ينظر إلىّ ..وليس فى الأمر لعبة من الضوء .. 
ما علينا ..
تجاهلت الأمر ...وعُدت لأحلامى الوردية .. أفقت فقط حين بدأ الأتوبيس يفرغ من حمولته تدريجيًا .. وسرعان ما استطعت الظفر بمكان لا بأس به عند وصولنا للمريوطية.
والآن-وفقط الآن- أستطيع أن أقرأ .. اندمجت قليلًا فى "وساوس وهلاوس" .. وحين رفعت عينىّ عن الكتاب أخيرًا .. اكتشفت أننا على أعتاب بوابات الرماية ..وأن الأتوبيس قد صار خاليًا تقريبًا ..اللهم من بعض الرجال وسيدتين .. وثمة أشخاص يجلسون أمامى وخلفى ومن جانبى ..
كدت أنهمك فى القراءة مجددًا ..قبل أن يستدير ذلك الشخص الجالس أمامى ليكشف عن وجهه ..الرقيع !!
استدار لى وسأل : 
"هو الكتاب اللى معاكِ ده جبتيه منين ؟؟..اللى هو محمد خالد كاتبه ده ..أصل أنا باحبه أوى الراجل ده"
سيمفونية الكذب ...
أجبت فى هدوء بارد : "أحمد خالد توفيق..وجبته من معرض الكتاب"
 ظننت أنه سيتركنى لحال سبيلى ..لكنه -الأحمق- استرسل فى الحديث : 
"طب لو أنا عايز أجيبه ..أجيبه منين ؟؟"
ضغطت على أسنانى .. وقلت : 
"مكتبة ألف ..فى شارع العريش مثلًا"
قال فى تعجب : "مكتبة ايه ؟؟ "
ضغطت على أسنانى أكثر حتى كادت تستحيل قطعًا متناثرة على أرضية الحافلة : "ألِف !!"
عرفت من النظرة الأولى أنه كاذب .. ولست متشككة أكثر من اللازم على فكرة .. والدليل أننى صنعت عدة محادثات مع بضعة أشخاص فى المواصلات تبين أنهم قُراء مخضرمون .. وتبادلنا النقاش والأحاديث .. لذا فقد صارت عينى قادرتين على التمييز بين الصادق والمدعى فى تلك الأمور .. ثم أن الأمر لا يحتاج إلى شيرلوك هولمز..
قال الرقيع : "طب ممكن توصفيلى الطريق ؟؟"
لا ، لن أسترسل فى الحديث أكثر من هذا ..
"اسأل أى حَد وانت ماشى"
وتشاغلت بقراءة الكتاب .. لعله يستشعر عدم اهتمامى .. 
نظر إلى الأمام ..ثم استدار إلىّ من جديد..ماذا الآن؟
"طب هو معرض الكتاب هايفتح تانى امتى؟؟"
حسنًا .. لست ساذجة تمامًا..اعتبرتها فرصة جيدة للتأكد من صدق ظنونى.
"أنا ماعرفش المعاد بالظبط ..أكيد انت عارفه بما إنك بتحب القراءة وكده "
هاااااع .. حصلت على مرادى .. إنه يفكر ويتعثر فى الكلام ..
"هو الـ.... ..أصل الـ.. ، هو أ.أ.أعتقد يعنى هايفتح الشهر الجاى كده "
مع العلم أننا كنا فى مارس .. ومعرض الكتاب يغلق أبوابه فى السادس من فبراير ..ما شاء الله .. معرض كتاب فى شهر إبريل!!
"الشهر الجاى .. هممم ..ماشى"
وتشاغلت بالكتاب من جديد .. وحين استشعر عدم اهتمامى ،عاد الرقيع لينظر للأمام من جديد .. تنفست الصعداء ..وظننتنى تخلصت من ذلك اللزج للأبد..
لكنه التفت من جديد .. و 
"شكرًا"
ما رأيك لو وضعت زوجًا من الجوارب فى فمك ؟؟ ..أينجح ذلك فى إخراسك ؟؟
هززت رأسى وابتسمت ابتسامة مصطنعة .. وعدت للكتاب من جديد .. حمدًا لله أن المنزل قد اقترب .
وها هو المسجد المميز يلوح فى الأفق .. تهيأت للنزول ..وصرخت بأعلى صوت يمكن أن يتغلب على صوت الموتور حتى يسمعنى السائق : 
"الجامع لو سماااااااحت"
نزلت من الأتوبيس .. وسرت تلك المسافة القليلة الفاصلة بين العمارة -حيث أسكن- وبين المسجد .. هوم..سويت هوم.
                                 * * * * * * * * *
كان هذا منذ شهرين ..وقد نسيت الأمر برمته ..نسيته تمامًا .
والآن أحكى وقائع أول أمس والمرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالوقائع التى سردتها للتو ..
                             * * * * * * * * 
الإثنين .. الخامس من مايو.
مراجعة اللغة الإنجليزية فى شقة سلمى بالتعاون ..بعد امتحان اللغة العربية .. كنا جميعًا فى حالة خفة رأس بعد انتهاء المراجعة .. وكنت فى وضع حرج ..ولا أملك إلا جنيهًا واحدًا ..يكفى كأجرة لأتوبيس من أتوبيسات الرقم(900) ..أما أتوبيسات شركة (الإنجليزية والإسراء) فأجرتها جنيهان .. 
استشعرت ناهد الأمر حين لمحتنى أفتش فى جيوبى .. وكذلك مىّ.
"مش معاكِ فلوس ..صح ولا غلط؟"
"لأ والله معايا..على أد اللى هاروح بيه..هايكفينى والله"
ناهد فى تشكك : "أيوه يعنى معاكِ كام يا روروووو .. بصراحة كده "
بطريقةٍ ما ،تهربت من الإجابة .. ووقفنا على الشارع ..ووقفت كل من ناهد ومى وآية معى فى انتظار الأتوبيس..
ومن بعيد لمحت مىّ مينى باص الإنجليزية والإسراء .. 
"أهو واحد .. يلا استعدى"
"لأ ..أصل ده .... مش هاينفع ده ..هاستنى 900
بدأت ناهد تشم رائحة ما فى الموضوع.. وأخرجت مى من جيبها جنيهًا ونصف .. بعد الكثير من الرفض .. والإصرار على ركوب الـ900 .. أصرت مىّ على أن أركب ذلك المينى باص بالذات .. وليتها ما فعلت ..ماله الـ900؟؟..من بين كل أتوبيسات القاهرة اخترتِ هذا بالذات ؟؟ وستعرف حالًا لِم أتندم على الأمر ..

ارتقيت درجات المينى باص .. ولوحت لهم مودعةً .. 
"سلام يا رانياااااااااع"
إن لم يعرف كل رُكاب الحافلة اسمى ..فإن آذانهم مزيفة أو أنهم يعانون الصمم !!
لوحت لهم من جديد .. وأخرجت الجنيهين ونقدت السائق حقه ..فسلمنى تلك التذكرة المميزة .. 
درت بعينىّ باحثةً عن مكان شاغر .. أها .. ثمة مكانين ..واحد أمامى مباشرةً والآخر وسط زحام من الكراسى الملتصقة ببعضها .. اخترت الكرسى القريب .. وكنت قد لمحت الجالس فى الكرسى المجاور لذلك الكرسى الشاغر .. وقَدّرت أنه شاب .. جلست فى المقعد وأخرجت إحدى روايات ما وراء الطبيعة ..لأعيد قراءتها للمرة الـ(ماعرفش الكام بالظبط) ..
وفجأة، أسمع ذلك الصوت آتٍ من جانبى :
"ازيك؟؟"
صوت ذكورى مراهق .. ليست هناك احتمالات كثيرة لمصدر الصوت .. اتسعت عيناى وظننت الجالس شخصًا من معارفى ..ربما فتى من دفعتنا بالمدرسة .. التفتّ لأجد .....
لأجد وجهًا لا أعرفه بالمرة ..ربما أراه للمرة الأولى !!
نظرت نظرة متسائلة إلى ذلك الجالس بجانبى .. 
"مش فاكرانى ؟؟ .. النضارة ..الكتاب .. الأتوبيس 900"
كدت أخبره أن "يحل عن نافوخى" وأننى لست المقصودة بالتأكيد .. قبل أن أتذكر فجأة .. وتعود إلىّ الأحداث دفعةً واحدةً
 الرقيع !!
كيف ؟؟ .. أية صدفة خرقاء تلك التى تسبب هذا ؟؟ .. هى صدفة غير جديرة بعملها ومن الأفضل سحب رخصتها ..
"آه .. أيوه أيوه ..أهلًا"
"انتِ اسمك رانيا صح ؟؟"
اللعنة ، وها قد عرف اسمى ..
"هممم"
أخذت أتحين الفرص للجلوس فى مكان آخر ..لكن المكان كان ممتلئًا كحانة فى منتصف الليل..
"دول صحابِك اللى كانوا واقفين دول ؟؟"
"آه"
 "كان عندكوا امتحان ولا ايه؟؟"
"أها"
"أنا اسمى أحمد"
"أهلًا وسهلًا"
"انتِ فى سنة كام؟؟"
تبًا .. ألن يخرس .. ربما لو أجبت على هذا لرآنى صغيرة أكثر من اللازم بالنسبة إليه ولتركنى وشأنى ..
"تانية ثانوى"
"ربنا يوفقكوا .. أنا فى أولى جامعة ..كلية تجارة"
 أومأت برأسى ..وابتسمت أكثر الابتسامات اصطناعًا..ظننته فى البدء شخصًا يشعر بالملل ويريد تزجية وقته فى الحديث..وسيخرس بعد قليل .. لكنه سرعان ما تكلم من جديد :
"انتِ دايمًا بتحبى تقرأى الحاجات الغريبة دى ؟؟"
ومن دون سابق إنذار ..مدّ يده ليقبض على رواية "أسطورة أرض المغول" .. وأخذ يتفحصها بيده "الرقيعة" .. 
"آه ده نفس الراجل بتاع المرة اللى فاتت"
" لو سمحت هات الرواية"
أعادها لى .. ثم ...
"انتِ ازاى بتقرأى الحاجات دى .. دى حاجات المرضى النفسيين بيقرأوها!!"
"أيوة ..أنا سايكوباثية معلش بقى "
ليته يخرس .. لكن كما يقولون : "كلها أحلام وأمانى"
"علمى ولا أدبى ؟؟ "
لا حول ولا قوة إلا بالله .. إذن فهو لا يخطط للسكوت .. وبالتالى فعلىّ اللجوء للخطة باء .. أن أفحمه فى الحديث ..
"علمى  ..علمى رياضة"
"كويس ..أنا باحب المذاكرة جدًا لعلمك"
"ودخلت تجارة ليه ما دام متفوق كده ؟؟"
هنا بدأ يفكر من جديد ..ثم قال : 
"أصل ..الـ... أ أ ..أصل والدى ..والدى توفى قبل الامتحانات بشهر..فالموضوع كان صعب ف المذاكرة بقى وكده ..ده ماكانش طموحى"
وحك أنفه بينما يقول ذلك .. كاذب !!
حسنًا ..لن ألتزم بكلام المحللين النفسيين بأن 90% ممن يحكون أنوفهم أثناء الحديث كذابون .. لكن -كما قلت من قبل- الأمر لا يحتاج إلى شيرلوك هولمز.
"طيب،الله يرحمه"
وانهمكت فى القراءة من جديد ..
"انتِ فى الفاروق صح ؟؟"
كنت وقتها سليمة النية ..ولا أدرى أى شىء يضمره هذا الفتى ..لذا قلت فى براءة :
"أها "
لحظات من الصمت ..ثم ..
"صدفة حلوة صح ؟؟ ..نتقابل مرة فى 900 ..ومرة فى أتوبيس 200 ..صح ؟؟"
لم أرد .. وانهمكت فى القراءة ..
"ايه سكتى ليه ؟؟"
هززت رأسى فى نفاد صبر .. ولم أرد ..
"أنا شفتِك مرتين على فكرة بعد أتوبيس 900..مرة فى الهرم ..ومرة فى الرماية !!"
صَمت ..
"هو انتِ عندك أكونت على الفيسبوك"
زويت ما بين حاجبىّ .. أى تطفل هذا ؟؟
"ينفع تديهونى .. عشان عايز أقولك حاجة كده عليه"
رفعت حاجبًا .. وقلت كاذبةً :
"لأ، أنا مش بتاعة فيسبوك"
"طيب براحتك"
ثم ظل محدقًا فىّ لفترة ..حتى اضطررت أن أنظر له نظرة تعجب حتى يتوقف عن هذا .. للأسف لا أجيد النظرات النارية المرعبة.
أخذت ألعن هذه الصدفة التعسة فى سرى .. لو كنت أملك بعض الفكة، لفررت من هذا الأتوبيس فرارًا ..وركبت آخر ..لكنى عالقةً هنا للأسف..
"انتِ عارفة ؟ ..أنا كان نفسى أقابلك تانى على فكرة .. وفضلت أدور عليكِ !!"
هذا ما كنت أخشاه ..
لم أرد .
"طب هو انتِ مرتبطة؟؟"
ماذا يبغى هذا الكائن السمج ؟
قررت أن أتصدر لهذا السؤال ..خاصةً مع مقتى لهذه الكلمة..
"أنا شايفة إننا شوية عيال ومالناش كلام فى المواضيع دى."
فقال :
"ما اهو اللى ف سنى برضه عيال ..هى فرقت سنتين يعنى؟..بس يعنى ماجاوبتيش على سؤالى"
أغبى هو أم يتظاهر بالغباء؟؟
"أظن أنا جاوبت فعلًا"
"يعنى لأ مش مرتبطة ..هممم"
نظرت حولى من جديد ..لا كراسى شاغرة ..ملتصقون هم بكراسيهم كأن الغراء يبقيهم فيها ..
"ممكن أطلب طلب ؟؟"
 قالها الرقيع .. فلم أرد .
"ممكن طيب نبقى صحاب ؟؟"
رائع .. هذا الفتى يقرر فجأة أن نكون أصدقاء لمجرد أنه رآنى فى المواصلات مرتان .. لو كان الأمر هكذا ..لكنت الآن قد كونت صداقات مع ثلاثة أرباع الشعب المصرى !!
"معلش أنا مش اجتماعية !!"
هذا جدير بإفحامه لبعض الوقت ..
 "وامال ازاى عندك صحاب زى اللى شفتهم دول ؟؟"
"أنا مكتفية بيهم "
"مش هايضر لو زادوا واحد ..هه؟؟"
وحين لم أرد مدّ يده بكل بساطة وسحب الرواية من يدى .. نظرت إليه فى صرامة وأخبرته أن :
"لو سمحت هات الكتاب"
"أصل انتِ هاتقرأى ولا هاتركزى معايا.. انتِ ازاى هاتقرأى وتتكلمى ف نفس الوقت ..أنا لما باقرأ لمصطفى الفقى لازم أقرأ فى هدوء"
مصطفى الفقى ؟؟ ..دليل آخر على كذبه .. إن كنت قد تعلمت شيئًا فى حياتى القصيرة تلك ..فهو أن المدعين حين يريدون ادعاء حب القراءة ..فإنهم يتظاهرون بحب كاتبين : 
إما أحمد مراد ..وإما مصطفى الفقى ..والاختيار الأخير فى الحالات التى لا تدرى شيئًا عن عالم الكتب.. القراءة فى أذهانهم لا تتعدى كتابات "مصطفى الفقى" ..مثل صورة مصر فى أذهان الغربيين مثلًا .. ما إن تذكر مصر حتى يفكرون تلقائيًا فى الأهرام وأبا الهول ..فى كنوز الفراعنة ولعناتهم .. ينسجون جوًا من المغامرة لا وجود له فى عاصمة مزدحمة عادية جدًا .. ويعتبرون أن تحت كل حَجَر سيجدون صولجانًا للجدود الفراعنة أو كنزًا منسيًا !!
المهم ، تناولت الرواية منه فى صرامة .. كده كده الجامع قرب خلاص..الحمد لله.
أسمع السائق يقول :"حَد عايز الصيدلية ؟؟ ..حَد عايز معمل التحاليل؟؟"
فقال الرقيع بصوت خفيض : "لأ ولا أى حاجة من دول ..هاننزل عند المسجد"
رائع ، يعرف أيضًا أين أسكن .. ماذا ينقصه إذن ؟؟ ..رقم هاتفى ؟!..ثم ما قصة صيغة الجمع التى استخدمها تلك ؟؟
فى ذهنى ربطت بين كل ذلك فى سرعة .. وقررت ألا أنزل عند المسجد بأى ثمن ..ووضعت خطة سريعة لما سأفعله ..
"بس انتِ ساكنة فى الدور الكام ؟؟ ..التالت ..صح ؟؟"
اتسعت عيناى رغمًا عنى .. هذا الفتى يعرف أكثر مما ينبغى ..
"معلش أنا عارف كتير عنك ..أصل باشوفك لما بتدخلى البلكونة الصبح تسقى الزرع !!"
ماذا ؟؟ .. داريت دهشتى ..وفى صمت بدأت تنفيذ المخطط الصغير .. الآن نحن على بُعد أمتار من المنطقة العسكرية ..التى يليها خزان المياه ..ويليهما المسجد .. قررت النزول هنا .. سأكون فى غباء الدجاج إن قررت بعد كل هذا النزول عند المسجد ..سأمشى كثيرًا لكن لا بأس ..
بدون كلمة واحدة ..قمت من مكانى واتجهت للسائق ..
"هنا لو سمحت ..هانزل هنا "
توقفت المركبة تدريجيًا .. ونزلت منها سريعًا ..ولم أحاول النظر للمكان الذى يجلس فيه الرقيع لأرى رد فعله ..
تحرك المينى باص من جديد للأمام .. 
المركبة أمامها دقيقتان للوصول لمكان المسجد .. علىّ أن أتسمع صوت الموتور العالٍ لأعرف إن كان سيتوقف هناك أم لا .. وإن توقفت المركبة عند المسجد ..فهناك احتمال لا بأس به أن يكون الرقيع هو من نزل منها .. مشيت للأمام ..مررت بأبراج المراقبة المنتشرة فى المنطقة العسكرية .. صوت الموتور بعيد جدًا .. لكنه مسموع .. تك تك تك .. صوت الموتور يهدأ ..أظنه الآن قد وصل للمسجد ..صوت الموتور يهدأ دليلًا على تهدأة السرعة ..ثم يعلو الصوت من جديد دليلًا على انطلاقه .. الزمن بين الانطلاقة والتوقف صغير جدًا ..بمعنى أن النازل لا يمكن أن يكون سيدة ..فالسيدات ينتظرن الأتوبيس حتى يتوقف تمامًا .. أما الفتيان والرجال فغالبًا ما يقفزون متحدين قوة القصور الذاتى .. تجاهلت استنتاجاتى السخيفة وبدأت فى تنفيذ بقية المخطط ..
فى الصيف الماضى ..كنت أطوف بدراجتى فى المدينة كلها منذ الثانية عشر ظهرًا وحتى ما قبل آذان العشاء.. لذا فإنى أعرف كل حَجَر فى هذه المدينة .. وفى مرة من المرات اعترانى الملل .. فبدأت فى اختراع لعبة طفولية بعض الشىء ..ألعبها لتزجية الوقت .. كنت أتخيل مطاردةً بينى وبين جاسوسين يبغيان القبض علىّ لأن "الميكروفيلم" معى ..وهو ميكروفيلم  يحوى معلومات خطرة -وكل الميكروفيلمات تحوى معلومات خطرة- ..لذا فكان لابد من تضليل الجاسوسين .. كنت أتخيل مثلًا أن الجاسوسين يقفان الآن عند الخزان ..أو عند المسجد .. وعلىّ أن أخترع طريقًا يدور حول موقعهما ..بحيث أراهما ولا يريانى .. لذا فقد اخترعت طرقًا جانبية كثيرة لا زلت أحفظها حتى الآن .. علىّ الآن أن ألعب مرة أخرى ..لكن هذه المرة بدون الدراجة.. الجاسوسان يقفان عند المسجد .. فما الطريق الأمثل لاتخاذه بحيث أراهما ولا يريانى ؟؟ ..
بدأت أستعيد ذلك المسار الذى اخترعته الصيف الماضى شيئًا فشيئًا .. أرتقى سلالم ..وها هى البالوعة التى حفظت مكانها ..إذن فأنا على الطريق الصحيح ..
الآن أرى المسجد ..أراه بحيث لا يرانى الواقف أمامه .. مشيت بهدوء واسترقت النظر .. وهالنى أن أرى ..
الرقيع !!
يقف واضعًا يديه فى جيبىّ البنطال .. وينظر من حين لآخر للطريق ..وكأنه ....
ينتظر شيئًا ما !!
قررت الإلتزام بالطريق السرى فى هدوء .. سأتأخر قليلًا لكن لا بأس .. استكملت الطريق ومن حين لآخر كنت أنظر خلفى ..علىّ أن أوهمه بأننى لا أسكن هنا عند المسجد .. على حد قوله فقد رآنى فى الشرفة عدة مرات .. لكن من يستطيع الجزم بأننى أعيش هنا ..ربما كنت أبيت عند قريب من أقاربى ..عليه أن يظن هذا ..
المهم ، وصلت للعمارة حيث أسكن.. وخلصت الحكاية .. بدأت الآن أتجنب أتوبيسات 900 و 200 ..وأركب مواصلات أخرى مختلفة.
إنه يعرف مكان المدرسة ..ومكان المنزل.. ذلك المُتعقب !!
 







 

العودة الكبيرة!!

طيب، أهلًا !!
هكذا ..دون مقدمات .. لن أبرر غيابى ..لن أتأسف وأبكى ندمًا أو (أمرمغ) رأسى فى التراب تحت قدميك ..لن أتذرع بالامتحانات أو بغيره ..لقد قررت التوقف .. I'm a quitter..هكذا فقط!!
لكن ..لحظة يا عزيزى ..لا تصب بالـ(أمصة) كعزيزنا المستر إبراهيم .. ها قد عدت إليك لأثبت نظريتك المتمثلة فى أن المعادن تنجذب للمغناطيس .. هذا على أساس إنك كنت تعوى طالبًا لتدويناتى التى تمدك بالحياة مثلًا .. لا تقنعنى أنك لم تتدبر أمورك وتستكمل حياتك العادية..لا بأس يا عزيزى ..أتفهمك.
المهم، فتاة صغيرة جميلة -وقد بدأت أتعرف عليها أكثر مؤخرًا- أقنعتنى بأن آتى هنا من جديد .. وأن أدق بأناملى من جديد على الكى بورد اللعينة خاصتى والتى تتسبب لى فى أخطاء تفوق أخطاء أطفال الروضة اللغوية .. كنت أفكر فى العودة إليك -أى مجهول- مؤخرًا ..لكنى كنت آتى هنا ..لأحدق فى الفراغ الأبيض..أو أقرأ ما كنت أكتبه العام الماضى..وأضحك كثيرًا ثم أكتفى بهذا القدر ..وأخلد للنوم .
تلك الفتاة الصغيرة اللطيفة .. كنت أحتاج إلى دفعة صغيرة تعيدنى إليك -أميجو المجهول- .. دفعة صغيرة جدًا لا تعدو عن الكلمة أو الكلمتين .. وقد أعطيتها وعدًا بأن أكتب الليلة ..شكرًا يا إسراء :)
وقد عهدتنى وافيةً لوعودى يا عزيزى .. 
إذن ..أهلًا من جديد ..
لنكن صرحاء .. لن تستطيع اللحاق بكل ما فاتك من المسلسل .. لكن دعنا نحاول .. لنبدأ بالأمس مثلًا .. ما قولك ؟؟
ماذا حدث بالأمس ؟؟ .. تجربة سخيفة .. ولك سأحكى حكايتها .. ولكن لهذا تدوينة أخرى أنشرها فى عدة دقائق..  فقط فلتصبر علىّ ولتتحملنى بضعة دقائق !!
                                  * * * * * 
إتس جود تو بى باك.
  

الخميس، 27 فبراير 2014

الغريب !!

عدنا إلى موال الكتابة من جديد ..لم أعد منتظمة كما كنت ..لكن .لا بأس .. المهم المنطق نفسه ..المهم الـ....
اللعنة على المقدمات !!
ليس علىّ أن أبرر أفعالى لمجهول من المرجح ألا يكون موجودًا أصلًا .. 
المهم ...
سأتحدث اليوم عن ذلك الكائن : مستر/إبراهيم .. لا شأن لك بهذا هى جت ف دماغى أتكلم عنه ..
يُدعى مستر/إبراهيم المغازى .. والـ(مغازى) كإختصار .. لا يمكنك أن تقول مستر/إبراهيم دون أن تقول المغازى بعدها .. لن تشعر أنك تتحدث عنه فعلًا دون أن تقول اسمه بالكامل ..
المهم أن مستر إبراهيم المغازى ذاك ذو طبيعة غريبة .. علىّ أن أقول أيضًا أنه قد تعدى مرحلة (الكهولة) منذ زمن وقد خطا بقدميه إلى حجرة الشيخوخة .. بما يصاحبها من أمراض ضغط وسكر وما إلى ذلك .. لكنه -والحق يقال- نشط بالنسبة إلى شيخ فى السبعين ..
تتساءل عن تلك الحمقاء التى تتحدث عن شيخ فى السبعين يدعى إبراهيم المغازى وله طبيعة غريبة ..
صبرًا يا عزيزى ..
نسيت أن أقول أنه مدرس رياضيات .. وهم يحتفظون به فى المدرسة كنوع من (البركة) رغم أنه لا يدرس فى الفصول .. أى أنه قد أصبح نوعًا من الرموز فى المدرسة .. اسمه مقترن بها منذ افتتاحها .. قطعة جديرة بمتحف المدرسة .يستخدمونه أحيانًا كمشرف على (الكونترول) أو كواضع لامتحانات الرياضيات والميكانيكا .. وكما يقال لجميع (الرموز) /القطع الفنية فى متحف المدرسة، يقولون له :يا عم إبراهيم .. كما نقول نحن على صلاح جاهين ..عم جاهين ..على أحمد فؤاد نجم :عمنا نجم .. وما إلى ذلك .. الخبرة والسن وكل ذلك تؤدى إلى تلك الكلمة التى يسبقون بها إسمه : "عم" ..
المهم .. شاء القَدَر أن يكون ذاك الرجل "عم إبراهيم" مدرسنا ..أعنى فى الدرس طبعًا .. ولفظة (الدرس) لا تعنى درسًا فى كتاب القراءة أو الفيزياء .. ماذا ؟؟ ..تقول أنك لست أحمق وأنك تفهم أن لفظة (درس) تعنى درسًا خصوصيًا ؟؟ .. حسنًا إذن ..أرفع لك القبعة ..آسفة لإساءة ظنى فيك أيها العبقرى !!
المهم ، سبق لى أن حكيت شيئًا أو شيئين عنه فى تدوينة سابقة فى شهر 9 على ما أظن ..لكن الأمر كان بدون ذكر أسماء ..حيث أن مدونتى كانت فى تلك الفترة مثارًا للتعليقات والزيارات والتساؤلات والـ... كل شىء .. كانت كالمزار السياحى ..وكانت كتابة أية لفظة (كده ولا كده ) أو اسم شخص معروف فى محيط معارفى لهو خطر داهم يضعنى فى ذلك المكان الذى يطلقون عليه الـ(ستين داهية) .. ربما أحب أن تقرأ فئة معينة ما أكتب ..أما مَن خارج تلك الفئة فإلى الجحيم ..
كنا نتحدث عن عمنا إبراهيم .. وإليك هذا اللينك لتفهم أكثر :اللينك
دعك من تلك الفرحة العارمة التى كانت تعترينى وقت كتابة تلك التدوينة ..لكن المغزى هو أنه من أولئك الناس ذوى (الكبرياء المجنونة) .. الكبرياء معنى مجرد جميل جدًا وكل حاجة .. لكن ألا ترى أن المرء يصير مثيرًا للإشمئزاز إذا بدأت الكبرياء فى ملأ فراغات روحه والـ(إنطفاح) على وجهه وملامحه ؟؟ .. 
د.أحمد خالد توفيق يقول :"الإنسان الحساس !!.. باختصار شخص مشكلته طیلة الیوم ھى نفسه .. كم أنه رائع والآخرون أوغاد.. ھذا لا يطاق"
لا أعنى بهذا أنه شخص سمج لا يطاق ،يخنق القطط فى الأزقة لإرضاء كبريائه .. لكن المشاعر التى يستقبلها يتم تكبيرها بعدسات مكبرة متخصصة ..فيعطى تلك المشاعر أكثر من حقها .. خد عندك مثلًا . أتدرى لِم لَم يأت فى المرة الأولى فى بداية العام الدراسى ؟؟ .. لأننا -نحن الأوغاد الأوباش- لم ننزل لإستقباله على مدخل العمارة وإرشاده إلى الدَرج وفتح باب المصعد له .. والضغط على الزر من أجله حتى لا نُتعِب إصبعه ..
كان من المفترض أن نأتى بـRed carpet منثور عليها ورود حمراء وأرجوانية .. ونستأجر فساتين خصيصًا لهذه المناسبة لنبدو فى مظهر لائق .. ونأتى بفتاة صغيرة تحمل فى يديها باقة من الزهور العطرة تقدمها له فور أن تطأ قدماه نهاية السجادة الحمراء ..ثم فور دخوله العمارة نشير إلى الفرقة الموسيقية لتدق بالطبل البلدى .. وينشد المغنى ذى الصوت الصعيدى الأجش متغنيًا بإسمه .. 
"يا ناس يا عسل .. ابعدوا البصل .. والنت فصل ..عمنا إبراهيم وصل !!"
لا أدرى ما علاقة (فصلان النت)  بوصول (عمنا إبراهيم) .لكن القافية ممتازة بها !!
ثم تنسحب الفرقة الموسيقية إلى مكان تم إعداده مسبقا لتنسحب إليه فقرات الحفل بعد إنهاء استعراضها ..
ثم يدخل تامر حسنى ليضع يده فى يد مستر إبراهيم .. ويخبره -تامر- أنه من أشد المعجبين به .. ويبدأ فى الغناء ويحدّث الأخ (شاجى) على جواله ليأتى ويشاركه هذا الحدث الجلل .. فتأتى الهيليكوبتر الخاصة بالأخ شاجى وتحط أمام عمارة ناهد بشارع العريش وسط التصفيق الحار .. ويبدأ الإثنان -تامر وشاجى- فى أداء تلك الأغنية التى كتباها ولحناها مسبقًا من أجل مستر إبراهيم ..
"أوووووه .. مستر إبراهيم .. أوووووه ..إنسان عظيييم .. أوووووه هايخليلك المنهج مش عقيم ..أووووه .. مش هاتحتاج تعمل ريجيم "
من فضلك من فضلك ..لا تسألنى عن علاقة الريجيم بالموضوع ..اعذر الأخ شاجى فهو (فهمه على أدّه) ويبحث عن كلمات متشابهة تخدم القافية وخلاص ..وتامر يجاريه وخلاص برضه !!
وبعد انسحاب تامر وشاجى إلى الباحة الخلفية حيث تجلس فقرات الحفل التى انتهت من الأداء .. نطفئ الأضواء .. ونجلس متشابكى الأيدى لنقوم بجلسة تحضير أرواح ..هدفها استدعاء روح أم كلثوم لتحيى لنا الليلة ..فمستر إبراهيم من مدمنى السِت .. فتحضر بفستان أحمر قطيفة فاخر وطرحة (منديل) حمراء مخططة بالأسود تحملها فى يدها اليمنى .. وكأنها كانت تتحضر لليلة منذ أيام .. وننظر فى رعب إلى مستر إبراهيم لنتفقد إن كان راضيًا أم لا .. وترتعد فرائصنا إذا لمحنا تقلصًا على وجهه ..إذ يمكن أن لا نكون قد فعلنا ما يكفى لإرضائه .. ربما يترك الحفل ويقلب الموائد والكراسى ويرحل غاضبًا متذمرًا من تلك الخدمة السيئة والمعاملة الغير محتملة .. لكننا نلمح على وجهه شبح ابتسامة فنتنفس الصعداء !!
كان هذا سيناريو صغير لما كان من المفترض أن نقوم به للحصول على تلك الحصة .. أتعرف الآن لِمَ وصفته بالـ(غريب) فى البداية ؟؟ .. لا لوم علىّ ولا تثريب !!