الأربعاء، 17 يوليو 2013

حكاية البنت التى أبَت !!



اليوم أحكى لك حكاية البنت التى أبت القيام من فوق سرير شقيقتها .. كان يا ما كان ..يا سعد يا إكرام  .. لا يحلـ .. حسنًا ليس علىّ التظاهر بأننى الجدة التى تسرد الحكايات لأحفادها ليلًا بجوار المدفأة .. فقط دعنا ننتهى من هذه الحكاية ..
كانت فتاة .. هذا واضح .. شقيقتها لا تكنّ لها الكثير من الإحترام .. على الفتاة إذن أن تقتلع ذلك الإحترام منها .. ولكن لماذا تسعى الفتاة لنيل احترام شقيقتها بذلك الإصرار وكأنها تسعى وراء رزقها لا نيل احترام شقيقتها ؟؟ .. حسنًا ، لا أعرف ..لست إلا راوية .. ولكن دعونا نتحلى ببعض الإنسانية ..أنا لست آلة مجيب آلى ..أو نوعًا من الآلات المتحدثة ..أنا لحم ودم ودفء .. علىّ ألا أتحدث بصوت معدنى بارد لأسرد عليك قصة الفتاة التى أبت القيام من فوق سرير شقيقتها .. علىّ أن أبدى رأيًا فى الأحداث ..أن أتدخل لأعترض أو أطرح أسبابًا واحتمالات .. ولهذا ..أقول أنها -ربما- كانت تسعى وراء نيل ذلك الإحترام بشدة ..لأن .. لأنها لم تنل احترام أحدهم فى حياتها من قبل .. عليها اقتلاع الإحترام منها كما تُقتلع الزهرة من الجذور .. وهل شعرنا نحن بالشفقة حين اقتعلنا الزهرة من جذورها ؟؟ .. إذن فلم عليها أن تعيش سيناريو الشفقة هذا عند انتزاعها الإحترام من شقيقتها ؟؟ .. 
كانت جالسة على سرير شقيقتها .. تدير الأمور برأسها .. وتفكر فى وسيلة تتوسل بها لانتزاع ذلك الشىء منها .. الإحترام .
حين أتت شقيقتها .. رأتها جالسة على سريرها .. فخافت على سريرها من الفتاة .. وخشت أن تنتشر رائحة الفتاة فى سريرها .. فتظل تشعر بالذنب حين تستلقى فيه الليلة عندما تشتم رائحة الفتاة .. وتتذكر أنها كبتت الإحترام بداخلها ولم تعطها إياه .. فلا تقدر على النوم ..ولا يكون بمقدورها الذهاب إلى العمل صباحًا .
فصاحت بها : 
"فلتقومى الآن ..فلتقومى الآن .. أشعر بالنعاس ..فلتقومى الآن"
انتفضت الفتاة لتلك اللهجة العدائية ..ألم يكن بإمكانها ببساطة أن تخبرها أن عليها النوم الآن ..لقامت من تلقاء نفسها دون الحاجة إلى ذلك الصراخ ..
هذه هى .. هذه هى الطريقة إلى انتزاع الإحترام منها..
"لن أقوم حتى تحدثينى بالطريقة الصحيحة .. كان بإمكانك أن تطلبى ذلك بهدوء "
تبًا ، هى تلعب على وتر حسّاس .. فتاتنا تذكر شقيقتها بذلك الشىء المكتوم .. الإحترام ..
لم يفعل هذا سيئًا إلى زيادة الطين بلة ..
"فلتقومى الآن .. فلتقومى الآن " 
علا الصوت ..احتدت النبرة .. 
لن تستسلم ..عليها أن تنهى الأمر كما بدأته ..
"عليكِ بقول الكلمة السحرية .. "
"بحق الـ ... ماذا تعنين ؟؟ .. فلتقومى الآن "
"ليس قبل أن تقولى : (من فضلك ) "
"لا .. لا ..لن أقول (من فضلك) ..كُفى عن السخافة ..ولتقومى الآن وإلا فسأستدعى السيدة (سلمى) .. وستيسرها تولى أمرك "
السيدة سلمى ..مديرة الملجأ /دار الأيتام ..سمها كما تشاء ..إذا استدعتها فموقفها سيضعف بالتأكيد .. خاصةً إن -الفتاة- تلعب هنا دور المراهقة الغريرة التى لا تدرى ببشاعة العالم الخارجى ..المراهقة التى لا تستقبل الإحترام من أحد .ببساطة لأن أحدهم لم يحاول -ولو عبثًا- أن يبعث لها طردًا به بعض الإحترام لتستقبله !!
"اذهبى إذن ..استدعى السيدة (سلمى) أو غيرها ..لا آبه "
"تذكرى قولك هذا جيدًا .. لأنك ستبكين ندمًا عليه بعد قليل"
هزت الفتاة رأسها .. وتمسكت بالملاءة .. ووضعت الوسادة فى حِجرها .. وقررت أن تصمد ..
وصلت العاصفة إلى الحجرة .. محملة بزوابع وأتربة وحصى ..
"ما المشكلة هنا يا هدى ؟؟"
"تأبى القيام من فوق سريرى .. أريد النوم للحاق بموعد العمل .. فلتفعلى شيئًا سيدتى "
هنا تحدثت فتاتنا .. لعل الأمر يفلح ..
"هى لم تطلب هذا منى بهدوء .. لو كانت طلبت منى فى المرة الأولى بهدوء فلم أنفذ وأقوم لكان من حقها أن تصرخ فى وجهى وتستدعيكِ .. وأما وهى لم تطالبنى بالأمر بهدوء بل صرخت فىّ دون أن تبذل جهدًا فى تهدأة نبرتها .. إذن فأرى أن من حقى أن ......."
أسكتتها اللطمة على جبينها .. يد خبيرة تدرى أين مواقع الكرامة فى الجسد .. تدرى كيف تجرح تلك المواطن وتهدمها وتقضى على ما فيها من مخزون كرامة ..
اتسعت عينا فتاتنا .. وضاقتا فى الوقت ذاته .. اتسعتا من المفاجأة ..وضاقتا لحبس الدموع وراء قضبان المقلتين ..
حتى الشقيقة ..فقد كان الهلع يفر من عينيها ..رأت الفتاة عينىّ شقيقتها حينها كما لم ترهما قبلًا ...
"سأقتلع شعر رأسك من الجذور ..إن لم تكفى عن ألعاب الجحيم هذه .. فلتتركى شقيقتك لتنام "
"حقًا سيدتى ..الأمر لم يستدع منكِ تلك اللطمة .. كان عليكِ فقط ....."
"كان علىّ أن ألطمك أنتِ فى البداية لأتأكد أنكِ ستخرسين تمامًا ..لا تملى علىّ أفعالى يا هدى .. لا تخبرينى بما علىّ وما ليس علىّ فعله !! "
"سيدتى ...."
"سكوت الآن .. فإن لدينا آنسة غير مطيعة هنا .. هل تريدين فروة رأسك على بلاط الحجرة الليلة ؟؟ .. أم تريدينها فى مكب النفايات ؟؟ .. "
أغمضت الفتاة عينيها ..حين امتدت اليد تعبث فى ظفيرتها التى جدلتها لها (ليلى) بعناية منذ ساعات .. أين أنتِ يا ليلى ..
شدة .. شدة .. شدة للشعر بعد أن اُغتصبت الظفيرة .. شدة للذراع لعلها تتحرك من فوق السرير .. 
"لن .... لن .. لن أتـ ..لن أتحرك "
"سيدة سلمى .. كفى .. أنت .. أنت تقتلينها .."
كانت المرأة قد تحولت إلى كائن آخر لا يمت للمرأة مديرة الملجأ بصلة .. تخيل أنها فى طبيعتها العادية لم تكن بالمرأة الحنونة ..فما بالك وقد تحولت إلى ما هو أبشع .. وفتاتنا تتلقى كل هذا بنصف ابتسامة وعينين مغمضتين ..
"قومى من فضلك .. قومى من فضلك .. من فضلك قومى ..هلا فعلتِ "
وقفت الفتاة على قدميها فورًا .. بالقدر الذى يسمح لها به ذلك الوحش الثائر المنقض عليها 
"إذن فقد قلتِها .. وقد قمت .. هل تطلّب هذا منكِ الكثير ؟؟!  ..أكان الأمر يستدعى كل هذا ؟؟! "
قالتها فتاتنا ..بينما لا يزال ذلك الكائن يلطمها .. يعوى ويطرحها أرضًا .. يطيرها يمينًا ويسارًا بلطماته .. ويعوى
"يا أبناء الشيطان .. كلكم أبناء الشيطان .. يا أبناء الشيطان "
"توقفى يا ***** .. توقفى الآن .. "
لم تدر هدى بنفسها إلا والسيدة سلمى على الأرض .. مغطاة بدماء ..لا تدرى أدماؤها هى -سلمى- أم دماء الفتاة ..
نعم ، فى الحقيقة ..شجت هدى رأس مديرة الملجأ المختلة بتمثال لشىء له قرنين .. يبدو كالكبش .. كالتيس .. كشىء له قرنين ..
نظرت الفتاة إلى شقيقتها .. ورفعت حاجبًا .. ولم تبذل جهدًا فى ازالة نصف الإبتسامة من على وجهها .. 
"أنتِ ......"
"أنا أعطيكِ إياه .. لن أكتمه فى نفسى بعد الآن لأنه ملككِ أنتِ .. أعطيتك إياه .. "
استدارت خارجة من الغرفة .. توقفت عند الباب .. وقالت من دون أن تستدير : "حافظى عليه .. فقد كان ثمنه غاليًا .. سنرحل من هنا الآن .. خذى بعض البسكويت .. سنحتاجه فى الطريق !!"
"هدى .. أين سنذهب ؟؟ .."
لبرهة لم ترد .. ثم ..
"إلى حيث ألقت !!"
 ..
نظرت الفتاة إلى كل تلك الفوضى ..أظن أن غنيمتها استحقت كل ذلك العناء .. نظرت إلى ذلك التمثال .. كانت الدماء تتدفق من رأسها .. لفت قماشة حول مواضع تدفق الدماء .. ونظرت من جديد إلى التمثال الغريب .. من أين أتى ؟؟ .. لم تره قبلًا ..
نعم ، لم تره قبلًا .. فقد كان هذا تمثالًا للشيطان !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق