الأحد، 15 سبتمبر 2013

الصوت يعرف أفضل (4/10) "قصة قصيرة"

نندسّ على عجل فى سيارة أمى الكُحلية .. أمى تجلس خلف عجلة القيادة .. ولا تمر دقائق حتى يظهر أبى قادمًا ..أستطيع أن أراه يتقدم نحونا بتعبيرات صارمة محايدة لا تحدد أيًا مما يعتمل بداخله ..وما أن يصير ملحوظًا لأمى .. تبدأ فى وضع القليل من آيات نفاد الصبر على وجهها .. تبدأ فى هز ساقيها .تبدأ العربة بأكلمها فى الإهتزاز وكأن (جودزيللا) قادم إلى المدينة ..مُدخلًا المدينة كلها فى حالة (فايبرايشن) بلا رحمة ..
"ماما .. بالراحة شوية" 
لا شىء يدل على أن كلماتى قد وصلت إلى جزء من عقلها .. لكنها تُصدر صوتًا وكأنها تزوم ..تضع يديها على عجلة القيادة وتدق بأصابعها على الجلد الأسود المحيط بالعجلة..
مشية أبى والطريقة التى يجر بها قدميه على الرصيف تُشعرك بأن لديه كل الوقت فى العالم..
يصل إلى السيارة .. وما إن يفتح الباب وتستعد أمى لوصلة (نَكَد) .. يقول أبى : 
"نضارتى .. نسيتها فوق .. حَد يطلع يجيبها بقى !! "
وكأنه أمر غير مباشر لى .. إنها أنا دومًا من تتولى أمورًا كجلب الأشياء المنسية أو المتروكة .. جربت فى مرات سابقة أن "أستهبل" وأبقى فى مكانى بلا حراك حين نست أمى هاتفها الخلوى فى مرة من المرات .. فلم يحرك أحدًا ساكنًا وانتهى بى الأمر أقفز على درجات الدرج أعبّ الهواء فى رئتى حاملةً مفاتيح الشقة ..
فقط أتمنى أن لا يتضرر شعرى من ارتطام الهواء به حين أعدو صعودًا للشقة ..
وحين وقفت أمام باب الشقة لاهثةً أجاهد للتشبث بعملية التنفس التى أجدها شديدة الصعوبة بعد كل ذلك العدو .. أسمع صوت (الصوت) ..كان يقهقه بشدة .. فى عقلى أقول له شيئًا مماثلًا لـ:"What's so funny!!"
"أصل أبوكى يا ناصحة كان حاطط نضارته على راسه من فوق ..طول الوقت كانت على راسه يا زرقاء اليمامة !! "
أردد بصوت خفيض أنشودة من اللعنات .. ويتصاعد الدخان من أُذنىّ وتخرج من رأسى سحابة صغيرة بها قنبلة وعبوة ناسفة وديناميت أحمر مشتعل الفتيل وجمجمة مع عظمتين متقابلتين ..
"اخرس !!"
أشق طريقى من جديد نزولًا على السلالم .. يطير فستانى وينتفش .. أزيد من سرعة نزولى فينتفش أكثر .وأستشعر ضربات الهواء إذ تلسع ساقىّ من تحت الفستان .. آه هذا يعيد النشاط !!
إلى السيارة أتجه .. فى ذهنى ألف تصور لغضبة أسطورية أنهال بها على رأس أبى .. ستؤازرنى أمى بالتأكيد .. أتخيلنى أشيح بذراعىّ يمينًا ويسارًا .. رافضةً أى محاولة من أبى لدفعى إلى نسيان الأمر .. 
أدلف إلى السيارة .. وما كدت أهم بالتفكير فى تحريك عضلات فمى حتى صاح أبى فى ارتياح :
أها .. انتى هنا .. وانا بادوّر عليكى ف كل حتّة ..تخيلى يا شدوى ..كنت لابس النضارة كل ده على دماغى و أنا مش ..... هأهأهأهأهأهأ.. شفتى يا شدوى ؟؟.. شوفى يا شدوى بنتك نزلت م العربية راحت فين .. احنا هانتأخر كده .."
تيرمومتر غضبى كان قد وصل إلى درجة الـSky High .. رُحت أضغط على حنجرتى بشدة لتُصدر صوتًا ناعمًا خفيضًا جديرًا بابنة مطيعة لا بطائر عنقاء غاضب ،وأعقبت :
" أنا ...هنا !!"
.."كله on board.. طب يلا يا شدوى اطلعى !! "
..
"أبوكى شكله مش نايم كويس كده !!"
"هو انت تعرف النوم عشان تتكلم عنه ..يا ريتك تنام .وأستريح من أزيزك شوية !!"
"أنا .. مش..بانام!!"





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق