الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

اللبن.

يوم لا مميز فيه إلا أننى لازمت البيت .. وكتبت إلى منال رسالة اليوم .. أخيرًا تسنت لى مراسلتها بعد فترة من الإنقطاع عن المراسلة .. 
تبًا . الكيمياء تحتاج إلى ذاكرة جيدة .. وذاكرتى تتدهور من دون قراءة .. لم أقرأ جيدًا منذ فترة . ثمة فارق بين أن تقرأ جيدًا ... وأن تقرأ أى بتنجان .. أنا لا أقرأ أى بتنجان . لكنى -هذه الفترة على الأقل- لا أقرأ جيدًا كذلك ..
ابتعت بعض اللوازم من إكسبشن .. 
وفى الثامنة مساءً .. سمعت نداءات بائع اللبن .. وتذكرت أن أمى كانت تحتاج إلى 2 كيلو منه .. فوضعت قدمى فى اسبادريه أسود .. وقفزت على السلالم هبوطًا .. 
الفتى الصغير يقف أمام عربة اللبن .. ومعه فتى أصغر .. الرجل الكبير المسئول عنهما يقف أمام عمارة من العمارات المجاورة .. يستمع إلى طلب زبون من الزبائن يقف فى شرفة شقته ..
أسمع صوت الرجل الأجش :
"هات 2 كيلو هنا "
الفتى الصغير عمره يتراوح ما بين العاشرة والثانية عشر .. له عينان خضراوتان على ما أذكر.. حليق الرأس .. ليس حليقها إلى درجة الصلع طبعًا ..
أتجه نحوه قائلة :
"سلام عليكم " 
"وعليكم السلام "
"2 كيلو لو سمحت "
وكان قد انتهى من تعبأة الـ2 كيلو التى طلبها الرجل الكبير فى كيسين للتو .. ومن المفترض أن أنتظر أنا إلى حين أن يذهب لتسليم الرجل الكبير الـ2 كيلو التى طلبها ذلك الزبون من الشرفة .. لكن -بدلًا من ذلك- ..يناولنى الكيس ..قائلًا :
"اتفضلى " 
"شكرًا " 
أناوله العشرين جنيهًا .. ويسلمنى خمس جنيهات كباقٍ ..
أسمع صوت الرجل الأجش من جديد :
"فين الـ2 كيلو يا ولا ؟؟"
"حاضر حاضر ..جاى أهو .. عايز لبن ؟؟ هه ؟؟ "
سؤال سخيف جدًا : "عايز لبن ؟؟ " . فماذا عساه يريد ؟؟ .. لكن الفتى الصغير يحاول تزجية الوقت بالكلام ريثما ينتهى من تعبأة الكيسين  باللبن من العربة .. فى تلك اللحظة كنت أريد أن أعود .. وأسلمه الكيسين .. ليسلمها لذلك الرجل ذى الصوت الأجش ليخرس قليلًا .. ليتوقف عن زجره وتأنيبه والصراخ فيه .. تمنيت أن أذهب إليه -الرجل الكبير ذو الصوت الأجش- لأخرسه بنفسى .. 
صعدت الدرج وأنا أفكر :
"كيلو اللبن بسبعة جنيه ونُص .. والولد ده من الكائنات الحلوة"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق