السبت، 12 أكتوبر 2013

ما قبله (رابع)

اليوم -صراحةً- كان جميلًا .. جيدًا كان .. نعم .. بدايةً من (لمة) درس العربى تلك .. ومستر أحمد .. وانتهاءً بى وأنا أقود شقيقى وصديقه محمود إلى الشارع الرئيسى أمام الشبراوى ..
بعد انتهاء الدرس .. ذهبت مع آية وسلمى وشروق ومى إلى مكتبة (ألف) ..وقد قابلنا أم آية فى منتصف الطريق .. وقد قادتنا عبر شوارع جانبية لم يسبق لى أن رأيتها فى حياتى القصيرة تلك .. وقد عللت ذلك بأن علينا أن نمشى بعيدًا عن السيارات .. فالشوارع الجانبية دومًا تكون الأفضل فى أوضاع كهذه -على حد قولها- .. 
قابلنا أم شروق عند مكتبة (ألف) .. وبعد الكثير من المجاملات والقبلات على الوجنتين .. والمجاملات المتبادلة بين الأُمين .. دخلنا -نحن لا الأمان- إلى المكتبة .. وانطلقنا عبر أكوام الكتب .. كل واحدة نست كل شىء عن صاحباتها ..وبدأنا فى التركيز على الأرفف .. أنت تعلم -أى مجهول- أن مىّ ليس لها فى عالم الكتب ذلك ناقة أو جمل .. لذا فقد اكتفت بالمرور بعينيها على الأرفف مرور الكرام .. وفجأة سمعنا عاصفة من الصخب تدخل من باب المكتبة .. الأُمان قد قررتا اتباعنا إلى الداخل .. الضجة شديدة .. نظرنا لبعضنا -نحن الفتيات- وبدأنا فى الضحك .. 
آية تقول الكثير من : "الله .. الله على المجاملات ما بين الأمهات .. دول هايدخلوا معانا كمان .. يا رب مانتطردش بس !! "
شروق كانت تريد أن تبتاع : (غرفة العناية المركزة) لعز الدين شكرى فشير .. لا أدرى أشترتها أم لا .. فقد كان تركيزى مسحوبًا بالكامل ..
كانت تريد أن تبتاع كتابًا آخر كذلك .. شىء عن المسيخ الدجال ..لا أذكر صراحةً ..
طلبت منهم الذهاب من دونى .. أخبرتهم أن يتركونى ها هنا .. وسأتدبر أمرى .. ترددت أم آية كثيرًا .. وقالت الكثير من : "أوصلك طيب" .. "لو عزتى حاجة قوليلى .. " .. "لو عزتى توصيلة قوليلى" .. لكنى تمنعت .. وطلبت منهم تركى ها هنا .. فى النهاية رضخوا .. وانصرف الجميع بعد وداعات حارة ..
وقضيت أنا ثلاث ساعات أتجول بين الرفوف .. 
ومن الضرور أن أذكر هنا بعض الكلام عن ذلك الرجل فى الجلابية البنية وصاحبه الآخر الذى يرتدى قميصًا وبنطالًا على طريقة : "استايل بنها" .. هؤلاء الذين جاءوا يسألون عن (كتب خارجية) ..  اللطيف فى الأمر أن الرجل ذا الجلابية يمرر للفتى خلف الكاشير ورقة ويقول : "عايز الكتب دى لو سمحت" 
فيفض الفتى الورقة متوقعًا أن يرى : "The host"  أو "عزازيل" أو حتى اصدارات ديزنى كوميكس .. لكن بدلًا من هذا يجد : "سلاح التلميذ ..اللغة العربية .الصف الثالث الإبتدائى ..الفصل الدراسى الأول"
فيهز الفتى رأسه فى سأم .. 
"لأ ..مش بنبيع كتب خارجية "
يتعجب الرجلان ويتساءلان فى همهمة خافتة : "مابتبيعوش كتب ؟؟ ... هممممم"
مكتبة ألف ؟؟ .. ولا يبيعون كتب ؟؟ .. إن الكتب من منظورهم هى الكتب الخارجية لا أكثر .. سلاح التلميذ الموجز واللذيذ .. لا أكثر ..
لم أستطع أن أمنع ضحكة خافتة من أن تندّ عنى .. فى الوقت ذاته الذى كان الرجلان فيه قد وصلا إلى باب الخروج .. وأتبعت الضحكة بسؤال :
"كتب خارجية فى مكتبة ألف ؟؟ !"
بادلنى الفتى خلف الكاشير ضحكة .. وقال : 
"عادى عادى .. ده العادى .. بتحصل كتير !! "
 خرجت من المكتبة بعد آذان المغرب بربع ساعة .. ومشيت طويلًا مشية وحيدة سوليتارى جدًا .. خرجت من شارع العريش بصعوبة وسط الزحام .. شارع العريش مزدحم أبدًا .. خرجت إلى الشارع الرئيسى ثم اتجهت إلى يسارى .. حتى الشبراوى .. ثم دلفت إلى ذلك الشارع الجانبى بجوار الشبراوى .. مشيت .. ثم استدرت عند أول يسار قابلته .. واستكملت السير .. كان الظلام قد عمّ تقريبًا الآن .. اللهم من زرقة خفيفة فى السماء لم تختلط تمامًا بسواد الليل بعد .. ها هى العمارة .. أعطتنى أمى علامة على تلك العمارة بأن أخبرتنى بأنها -العمارة- مكتوب عليها : "الشرعى للزواج" ..أو شىء من هذا القبيل .. استطعت تبين الكتابة على العمارة بصعوبة فى الظلام .. لكننى ميزتها على أية حال .. جلست على السلالم فى انتظار شقيقى .. درس الرياضيات خاصته ينتهى بعد السادسة بقليل .. ياااه .. الظلام ينسدل مبكرًا الآن .. من المفترض أن يخرج فى حدود العشر دقائق .. فلننتظر إذن ..
جلست كـ(شحاذى السيدة) على سلالم مدخل العمارة السيراميكية الباردة .. وتناسيت تلك الكراسى التى كانت مكدسة فى ركن من المدخل .. قعدة السلالم أفضل وأحسن ..
مستر (الجزار) يصافحنى ويسألنى :
"ليه ماقعدتيش على الكراسى بدل قعدة شحاتين السيدة دى "
أقول شيئًا ما شبيهًا بـ : "أهو ده اللى حصل بقى " 

..
محمود/برج القاهرة/المكتبة/البوية البنى/البوية البيضا/برج القاهرة البمبا/الشمع/مش عارف إسم الشمع/ذا ليجند/الآن نفتح الصندوق2/فى بيتنا رجل/البنت الصغيرة اللى بتصرخ/تهويدة البَوّابة لبنتها/ البنت بتصرخ وبتقول : "بابا" / التسجيل !!

هناك 4 تعليقات:

  1. كتب خارجية في مكتبة ألف ؟!
    عادي عادي جدا بتحصل

    لم أزر هذه المكتبة من قبل ولا أعلم عنها شيئا لكني أفترض أنها مكتبة من النوع الراقي
    وإن كانت كذلك فإن هذا ليس سببا يجعلنا نسخر من اللذين لا يعرفون عن الكتب إلا ( الكتب الخارجية ) لأن هؤلاء الناس في الغالب لا يعرفون عن الطعام إلا ما يسد رمقهم فالكتاب بالنسبة لهم إما كتاب خارجي أو رفاهية فكرية لا يطمح ولا يرغب في الحصول عليها .
    وفي رأيي ليس هذا ذنبهم بقدر ما هو ذنب المثقفين الذين يسخرون منهم

    عذرا لكني أكره السخرية من الناس كما أكره الموت على الكفر

    تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. طيب .. تمام .. مكتبة ألِف عامةً مش راقية ولا حاجة . وبعدين أنا مش باسخر من الرجل لأنه فقير مثلًا أو حاجة زى كده .. وبعدين آثار النعمة كانت ظاهرة برضه نوعًا ما على وشه .. ده بالإضافة إلى إن بابا مش آلة تتدفق منها النقود .. واحنا من الطبقة البروليتارية الكادحة العادية جدًا .. ولو جربنا -كـقُرّاء نهمين بيحبوا القراءة لا كـأفراد من مجتمع المثقفين المطاط اللى مالهوش معنى- إننا نلقى نظرة كده على اهتمامات الناس .. هانلاقى إن تمانية من كل عشرة مايعرفوش عن الكتب إلا سلاح التلميذ .. سواء كانوا من مالكى سيارات الفورد ..أو من مالكى الكاريتات التى تجرها البغال ..
      ثم إن سلاح التلميذ فى اللغة العربية لوحده بـ30 جنيه يعنى .. ده ثمن ممكن يشترى 3 مجموعات قصصية ليوسف إدريس D:

      حذف