الخميس، 7 نوفمبر 2013

حلاوة

!
كان يومًا حافلًا .. سأكتب إليك .. انتظرنى لألتقط أنفاسى !! 
                                  * * * * * * 
هيييييح .. وها قد عدت .. أكتب إليك -كالعادة- من المستقبل .. إنه الجمعة 2012-11-8
وقد كان الأمس -اليوم كما يقول تاريخ التدوينة- حافلًا .. و ... فلنقل كان جميلًا .. 
قررت شراء هدية لأبى .. عيد ميلاده يوم الأحد التالى للتالى .. إن طبيعة العلاقة بينى وبين أبى مثارًا للمناقشة .. أعنى أنه ليس ذلك النوع من الآباء الذين يدسون المصروف فى جيوب أبنائهم كل يوم قبل الذهاب للمدرسة .. أو يسرحون بالعيال فى الشوارع قبل العيد لشراء ملابس العيد .. إن علاقتى بأبى سطحية جدًا جدًا جدًا .. كما أن أنشطته قد صارت محدودة ومحددة جدًا منذ تقاعده .. 
المهم ، الخميس كان آخر أيام امتحاناتى.. عانيت فيه من اللغويات الألمانية العتيدة .. لكن الامتحان كان معقولًا ولا جدال .. 
كان من المُتفَق اليوم أن نعرج جميعًا -الرباعى الرائع ومى وأنا وشروق -على ذلك المدعو (كنتاكى) قبل درس الكيمياء ثم إلى سيتى مول من فورنا لشراء الهدية لأبى .. وحدث أن أُلغى درس الكيمياء لأسباب لا ندرى عنها شيئًا .. فقلنا خير وبركة .. لنأخذ راحتنا فى (الخروجة) ..
من المؤكد للقارئ -القارئ المتابع لتدويناتى والملم بشىء من طباعى- أننى لم أذهب معهم إلى كنتاكى لأتناول شيئًا من تلك الوجبات التى يقدمونها هناك .. ظلت آية -وحتى اللحظة الأخيرة- ترجونى أن أتناول شيئًا ..
"طب حتى عصير .. طب آيس كريم .. طب شيبسى .. طب ... عاااااااا انتى غريبة أوى"
الصحبة الجيدة هى خير طعام فى الحقيقة .. كما أن غداءى كان معى فى حقيبتى .. الرواية الثالثة من the Hunger games .. ذلك هو غداءى الأثير :))
لا أذكر من الخروجة إلا هيستيريا الضحك التى تفشت فينا جميعًا كالنيران فى البرية .. 
أذكر تلك السيدة وابنتها .. سيدة تبدو وكأنها خرجت رأسًا من الستينيات أو السبعينيات .. بملابسها الغريبة التى تبدو فيها وكأنها تحاول مجاراة العصر بارتدائها .. لكنها قد فشلت فى ذلك فشلًا ذريعًا .. ومعها ابنتها الصغيرة التى تبدو كنسخة أصغر بخمسة وثلاثين عامًا .. 
وكما تجرى العادة .. فإننا -فى خروجاتنا كلها- نضم منضدتين إلى بعضهما لتكفينا جميعًا .. 
كنا على وشك الرحيل .. لكننا كنا لم نزل جالسات ..ننتظر دنيا ومىّ اللتان ذهبتا لغسل يديهما.. فجاءت تلك السيدة مع صينية طعامها .. وبكل هدوء وبراءة جرّت منضدتنا الثانية .. منضدتنا التى تحمل رواية عزازيل خاصتى -والتى اقترضتها منى شروق لتقرأها- وحقيبة واحدة منّا .. وعادى خااااالص .. حتى أنها دعت ابنتها لتساعدها فى جرّ المنضدة .. ثم بكل بساطة -وبدون حتى أن تنظر إلينا- أمسكت بالحقيبة والرواية ولوحت بهما فى الهواء .. فى إشارة لنا لأن نتسلمهما منها .. 
تبادلنا النظرات .. ودار فى ذهنى فى تلك اللحظة أن غريبو الأطوار يتكاثرون بصورة مفزعة هذه الأيام.. الخَلق غريبو الأطوار فعلًا ..هم فقط لا يدركون مدى غرابة أطوارهم ..
أنا نفسى غريبة الأطوار فى بضعة أشياء .. وأظننى أدرك ذلك ولا أمانعه .. الجميع يدرك غرابة أطوارى ويرحبون بتلك الغرابة .. عادى يعنى ..
نحاول تجاهلها .. ونعود إلى ما كان موضوع حديثنا قبل أن تأتى تلك السيدة لتقاطعنا .. وفجأة :
"تؤ تؤ تؤ تؤ تؤ تؤ .. ايه الدَوشة دى .. أنا عايزة آكل فى هدوء يا بنات يعنى .. ماينفعش آكل فى هدوء ؟؟ "
لدهشتنا ، كان ذلك الصوت المخشوشن العجيب صادرًا من تلك السيدة الغريبة .. صوت لائق جدًا بسيدة غريبة .. 
تبادلنا النظرات ؛بينها وبين بعضنا البعض .. وتهامسنا :
"أصلها بتذاكر مش بتاكل .. محتاجة هدوء يعنى "
"هى مالها دى ؟؟ .. خدت ترابيزتنا ومش عاجبها نتكلم كمان "
فى النهاية الست طفشت مننا .. وذهبت وفى ذيولها ابنتها -كخادم مطيع - إلى مكان قصىّ عنا .. لتستطيع أن "تأكل فى هدوء" .. لم أكن أدرى أن تناول الطعام من الأنشطة التى تستوجب هدوءً .. حلّ معادلات الرياضيات لا يحتاج كل هذه الضجة .. يمكنك حل الرياضيات فى مكان يعج بالأصوات ولن يشكل ذلك مشكلة .. هل هى من محبى الطعام الذين يحبون تناول الطعام بمزاج ويتلذذون به..همممممممم .. لا أدرى ..
المهم ، أنهينا الأمر فى كنتاكى .. وعرجنا على العريش .. صعدت ناهد سريعًا لمنزلها مع دنيا وآية فاستبدلت قميص المدرسة بتيشيرت أصفر مخطط فى أعلاه بالأزرق والأخضر -على ما أذكر- .. وعلى ما تنتهى ناهد من كل هذا .. اتفقنا أن نذهب -شروق ومى وأنا- إلى مكتبة ألف .. ساعدت شروق على اختيار روايتين .. نصحتها بواحة الغروب لبهاء طاهر -مع أننى لم أقرأها بعد ، لكننى أودعت ثقتى فيك يا بهاء- ..وابتاعت هى رواية ثانية على ذوقها .. 
ثم أتت لنا ناهد مع آية ودنيا .. ركبنا ميكرباصًا حتى سيتى مول .. 
لن أتحدث عن جولاتنا صعودًا وهبوطًا فى المول .. حتى استقر الرأى على (موباكو) .. فابتعت منه تيشيرتًا بأكمام طويلة .. متردد جدًا فى لونه هو ذلك التيشيرت .. فهو فى تلك المنطقة الغريبة ما بين اللون الأزرق واللون الرمادى .. 
أمطرت السماء علينا فى طريق العودة .. ورحنا نرمق السماء الرمادية فى امتنان ..
دنيا وشروق ركبتا ميكروباصًا .. أما عن أربعتنا -ناهد وآية وأنا ومى- فركبنا أتوبيسًا من أتوبيسات الجمعية تلك .. 
وأخذت آية علىّ وعدًا بالإتصال بها ما إن أصل للمنزل .. 
أمطرت السماء علىّ فى المسافة التى مشيتها بعدما نزلت من الأتوبيس ..
هاااااه .. كان حلو :)

هناك تعليقان (2):

  1. ^_^ أستمتعت بقراءه التدوينه جداً
    ربنا يجعل أيامك كلها حلوه :))

    ردحذف
  2. ده كلام جميل جميل جميل :))))

    ردحذف